لأنك إذا قلت: فلان لا يقصر في ترك أن يقصر، وكانت أن والفعل بمعنى المصدر فكأنك قلت: لا يقصر في ترك التقصير، وترك التقصير جد. فإذا قلت: في ترك أن لا يقصر، فكأنك قلت: لا يقصر في ترك الجد، وترك الجد تقصير! فلهذا قدر زيادة (لا) وهي كثير ما تزاد زيادة في الكلام والشعر.

وقوله: المنسرح

يُقْبِلُهُمْ وَجْهَ كلِّ سابِحَةٍ ... أرْبَعُهَا قَبْلَ طَرْفِهَا تَصِلُ

قال: هذا اسراف في المبالغة، يخرج إلى الكذب الذي لا يجوز مثله! ومع هذا فإن القوائم إذا وصلت قبل الطرف فقد وصف النظر بالضعف.

وأقول: إنه إذا فضّل عدوها على طرفها في السرعة، لا يدل على وصف النظر بالضعف. وكذلك إذا وصفوا الفرس بأنه يسبق البرق في السرعة، لا يدل على فتور البرق وضعفه؛ لأن ذلك قد عرف في السرعة، وكذلك طرف الفرس الجواد، قد عرف بالحدة؛ قال: الهزج

حديدُ الطَّرفِ والمِنْكَبِ والعُرْقوبِ والقَلْبِ

فإذا فضل عليه عدوه، لا يدل على ضعفه، بل إنما يراد به المبالغة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015