قال: سبق إلى هذا الأولون؛ أعني اتباع الطير والوحش الجيش. ولم يبالغ أبو الطيب في هذا البيت لأنه جعل الوحش تتبع الجيش لتأكل رذاياه، والرذايا: جمع رذية، وهي الناقة التي حسرها السير، ولم يقل كما قال الحكمي: المديد

تَتَأيَّا الطَّيْرُ غُدْوَتَهُ ... ثِقَةً بالشِّبْعِ من جَزَرِهْ

وأقول: إن هذا، إما وهم، وإما سوء فهم في جعل الوحش تتبع الجيش لأكل رذاياه ولا تتبع ما طرحت قنا الممدوح من القتلى كما ذكر. وبيت أبي الطيب فيه زيادة على بيت أبي نواس؛ وذلك إنه ذكر شدة سيره إلى الممدوح تقربا اليه، وبما لقي من الجهد في طريقه بانحسار ابله، وانقطاع رواحله، حتى طمعت بها الوحش. كما قال الحطيئة: البسيط

والذِئبُ يَطْرُقُنَا في كُلِّ منزلةٍ ... عَدْوَ القَرِينين في آثارِنَا خَبَبَا

فخاطب الوحش وقال لها: لو تتبعت ما طرحت قنا سيف الدولة من أعدائه، لكفك عن أن تتعرضي لما كل من إبلنا، وانحسر من مطينا.

وقوله: الوافر

تَبِيتُ رِمَاحُهُ فوق الهَوَادي ... وقد ضَرَبَ العَجَاجُ لها رِوَاقَا

قال: الهوادي: جمع هادية، وهي العنق، واستعار الرواق هاهنا للغبار لأنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015