الممدوح يعطي ماله، ولا يحدث له تغيرا كغيره بل بشرا، ولا ترد بشؤه كثرة عطائه، بل يجتمعان فيه ولا يتضادان، وإن كانا بمنزلة الضدين.
فإن كان ابن فورجة أراد بوجهه بشره لأنه محله او وجهه ببشره فهو المعنى، وهذا مثل قوله: المنسرح
القاتِلُ الواصِلُ الكَميلُ فلا ... بعضُ جَميلٍ عن بَعْضِهِ شَغَلهْ
فواهبٌ والرِّماحُ تَشْجُرُهُ ... وطاعِنٌ والهِبَاتُ مُتَّصِلَهْ
وقوله: الخفيف
تَقْضَمُ الجَمْرَ والحديدَ الأعادي ... دونَهُ قَضْمَ سُكَّرِ الأهوازِ
قال: أعداؤه يقضمون الجمر والحديد، مكرهين، لما يلقونه من شدته عليهم كما يقضم غيرهم السكر.
وأقول: إنما خص الجمر والحديد بالذكر دون غيرهما؛ لأنه جعل أعداءه بمنزلة النعام في ذعرها منه وخوفها له. والنعام يوصف بذلك كقوله: الخفيف
إنَّما مُرَّةُ بن عَوْفِ بن سَعْدٍ ... جَمَراتٌ لا تَشْتَهِيهَا النَّعَامُ