وقوله: الكامل

إنْ كنتِ ظاعِنَةً فإنَّ مَدَامعي ... تَمْلاَ مزادَكُمُ وتُرْوِي العِيسَا

قال: هذا نقيض قوله: البسيط

ولا سَقَيْتُ الثَّرَى والمُزْنُ مُخْلِفُهُ ... دَمْعاً يُنَشِّفُهُ من لَوْعَةٍ نَفَسي

لأنه هناك، ذكر أن نفسه ينشف دموعه، وهنا ذكر أن مدامعه تملأ المزاد وتروي العيس، وهذا يدل على كثرتها، وما عدمت الشعراء مثل هذا، وأنشد بيت زهير: البسيط

قِفْ بالدِّيار التي لم يَعْفُهَا القِدَمُ ... بَلى وغَيَّرَهَا الأرواحُ والدِّيَمُ

وقال: إنه رد على نفسه، وإن كان يمكن أن يخرج معنى قول زهير على غير الرد.

وأقول: إن الذي ذكره لا يلزم أبا الطيب؛ لأن البيتين من قصيدتين، فلا يعد فيهما مناقضا، وكيف وتغزله بامرأتين يجوز أن يختلف حاله معهما في زيادة العشق ونقصانه فتختلف حال دمعه بكثرته وقلته. والذي ذكره من التناقض في قول المتنبي لا يشبه بيت زهير؛ لأنه معدود في محاسن الشعر لا في عيوبه، وذلك النمط يسمى الاستدراك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015