وقوله:
. . . . . . . . . فيسرق النّفس الأدنى ويغتنم
أي: من خوفه، لا يستنشق الهواء استنشاقا ظاهرا طويلا، بل يسرقه سرقة، ويغتنم ذلك، إذ فاته النّفس الأقصى الذي تكون معه الطّمأنينة والرّاحة.
وقوله: (الوافر)
سمعتك منشدا بيتي زياد ... نشيدا مثل منشده كريما
فما أنكرت موضعه ولكن ... غبطت بذاك أعظمه الرّميما
قال: سمع أبو الطّيب سيف الدّولة ينشد بيتي زياد الذّبياني، واسم النّابغة زياد، وهما: (الطويل)
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب
تخيّرن من أزمان يوم حليمة ... إلى اليوم قد جربن كلّ التجارب
ولم يذكر معنى بيتي أبي الطّيب، وهو من الطف المعاني وأحسنها، يقول: لما سمعتك منشدا بيتي النابغة لم أنكر موضعه من الإجادة، وإنما غبطت أعظمه الرميم، أي: أحببت أن تكون عظامي كعظامه، أي: أن أكون ميتا مثله، لأتشرّف بنشيدك شعري، كما تشرّف بنشيدك شعره. وهذا في غاية الحسن، والتّلطف، والتّقرّب، إلى قلب سيف الدولة، والثّناء عليه.