قال: يقول: تمنّوا لقاءك، وقالوا: أن نظرنا إليه، بلغنا منه ما نريد، وحلفوا على ذلك بمفرق ملكهم. فلمّا أبصروك، عجزوا عنك، فكأنّهم عموا عن قصدك. وفي هذا المعنى شبه من قول جميل: (الطويل)
فليت رجالا فيك قد تذروا دمي ... وهمّوا بقتلي يا بثين لقوني
إذا ما رأوني طالعا من ثنيّة ... يقولون من هذا وقد عرفوني
وأقول: لم يرد ذلك المعنى، وإنما أراد أنهم تمنّوا أن ينظروا إليك ليحصل (لهم) ما أملوا من الظّفر بك فينتفعوا به، فانعكس عليهم ذلك، فكأنّ رؤياهم لك عمى.
وقوله: (البسيط)
لا يأمل النّفس الأقصى لمهجته ... فيسرق النّفس الأدنى ويغتنم
قال: يقول: قد أيقن بالموت، فهو لا يأمل النّفس الأقصى لمهجته، فقد جعل يغتنم الأنفاس ويكرّرها.
وأقول: إنما قال:
لا يأمل النّفس الأقصى. . . . . . . . . . . .
لأنه هارب، خائف، مكدود، مطلوب، والنّفس الأقصى، إنما يكون عند الراحة والطّمأنينة. وأمّا المزعج، الخائف، المطلوب، فأنه لا يقدر على ذلك، فلا يأمله.