فيقال له: الأحسن الوجه الأول. وذلك أن أبا الطّيب وصف تراب ذلك المكان بالطّيب، ووصف الحصى التي فيه بالحسن، حتى جعلها بمنزلة الدرّ يثقب في المخانق. وما ذكره من وصف نفسه وأصحابه بأنهم معيون، ولإيثارهم النّزول والرّاحة، يرون أن تراب الأرض عنبر، وإن كان بخلاف ذلك فغير سائغ. (بل لو جعل ذلك من محبّة تلك الأرض وطيبها عنده، لأن أبا الطّيب كان من الكوفة، وهذه المواضع التي ذكرها منها، لكان أولى من أن يجعل ذلك من الإعياء. كيف وقد وصف نفسه وأصحابه بالفروسية والشّجاعة، وذلك ينافي الإعياء لأنه دليل الضّعف). . .؟ قول الشّاعر: (الطويل)
لله ليل في زرود رقدته ... على خوف آساد ضجيع غزال
كأنّ حصى المعزاء تحت أضالعي ... يحثّ عن الجنبون زفّ رئال
وقال في قوله: (الطويل)
وما بلد الإنسان غير الموافق ... ولا أهله الأدنون غير الأصادق
هذا البيت، قد ضعف بالتّصريع ضعفا بينا، وهو كالمنقطع من معنى ما قبله. ولم تجر عادة أبي الطّيب بالتّصريع في غير الأوائل.
وأقول: ليس التّصريع مما يضعف الشّعر، وفيه قافيتان ملتزمتان، بل يقويه! فيكون