وقال في قوله: (الوافر)

ولو تبّعت ما طرحت قناه ... لكفّك عن رذايانا وعاقا

لم يبالغ أبو الطّيب في هذا البيت، لأنه جعل الوحش يتبع الجيش، ليأكل من رذاياه، والرّذايا: جمع رذيّة، وهي الناقة التي حسرها السّير، ولم يقل كما قال الحكميّ: (المديد)

تتأيّا الطّير غدوته ... ثقة بالشّبع من جزره

فيقال له: لم يرد هاهنا، أن الوحش تتبع الجيش كما ذكر، وانشد قول الأفوه:

(الرمل)

وترى الطّير على آثارنا ... رأي عين ثقة أن ستمار

وقول النابغة: (الطويل)

إذا ما غزا بالجيش حلّق فوقه ... عصائب طير تهتدي بعصائب

ولكن أراد الجماعة المترافقين اليه، الوافدين عليه، طلبا لمعروفه وعطائه. ويدلّ على ذلك قوله قبل هذا البيت: (الوافر)

أباح الوحش يا وحش الأعادي ... فلم تتعرّضين له الرّفاقا

أي: قد أباح الوحش أعاديه بقتله لهم في معارك الحرب، فلم تتعرّضين الرفاق إليه في الطريق، وهم أولياؤه ومحبّوه؟ فقد كان في أعدائه غناء لك عن أوليائه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015