مواطنهم ونعمتهم يطلبون بأرجلهم، فذلك قوله:
. . . . . . ... ويطلُبُ ما قد كانَ في اليَدِ بالرِّجْلِ
وقال ابن فورجة: يعني قد كانت في غيث من إقطاع السلطان وإنعامه، فلما عصوا وحاربوا، ثم انهزموا وولوا هاربين تطلب حصنا ومأمناً وقد خلّفت آمنا
كان حاصلا لها، وتطلب بأرجلها ما كان في أيديها؛ أي: تطلب بهربها وإغذاذها على أرجلها ما كان حاصلا في أيديها.
وأقول: لم يصب أحد منهم المعنى! والغيث هاهنا هو العشب والكلأ كقوله تعالى: (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجِبِ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ) وقال امرؤ القيس: الطويل
وغيثٍ كألوانِ القَنَا قد هَبَطْتُهُ ... تجاوَبَ فيه كلُّ أوْطَفَ حَنَّانِ
يقول: ولت بنو كلاب منهزمين تطلب العشب الذي كانت مقيمة فيه في راحة وطمأنينة بتعب ونصب، فكنى بالأيدي عن الراحة، وبالأرجل عن التعب متجاوزين المكان الذي كانوا فيه حين أمنهم وتركهم العيث والفساد في الكوفة، وقوله:
. . . . . . ... وتَطْلُبُ ما قد كانَ في اليَدِ بالرِّجْلِ
تفسير لما ذكره في صدر البيت؛ أي: تطلب ما قد كان في اليد؛ أيدي الخيل في حال أمنها، بارجلها لخوفها، ولو طلبته بأيديها لوقفت عنده، ولكنها لمّا جاوزته للخوف كأنها طلبته بأرجلها؛ يقول: ما كان أمامها صار وراءها، وما كان قريبا منها صار بعيدا عنها، فكنى باليد والرجل عن القرب والبعد وعن استقبال الشيء واستدباره. وهذا