قال: فيه تقديم وتأخير؛ لأن المعنى ابصروا الطعن في القلوب دراكا خيالا قبل أن يبصروا الرماح؛ أي: لشدة خوفهم وتصورهم ما صنعت بهم قديما رأوا الطعن
متداركة متتابعة في قلوبهم تخيلا قبل أن يروا الرماح.
وأقول: ليس في الكلام تقديم ولا تأخير كما ذكر، ولكن الكلام جار على سننه! والمعنى أنهم لشدة خوفهم منك أبصروا طعنك في قلوبهم متدراكا قبل أن يبصروا رماحك خيالا؛ أي: قبل أن يتخيلوها على بعد، وهو مثل قوله: الوافر
يَرَى في النَّومِ رُمْحَكَ في كُلاَهُ ... ويَخْشَى أنْ يَراهُ في السُّهادِ
وقوله: الخفيف
وإذا حاوَلَتْ طِعَانَكَ خَيْلٌ ... أبْصَرَتْ أذْرُعَ القَنَا أَمْيَالاَ
قال: يقول: الأعداء إذا أرادوا طعانك رأوا اذرع القنا لطولها وسرعة وصولها إليهم أميالا.
وقال ابن جني: ذلك لشدة الرعب.
قال: وهو كقوله تعالى: (يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ).
هذا كلامه.