وأقول: هذا الذي ذكره لا يقوله محصل، فضلا عن أن يستجده على الوجه الأول! والأظهر - فيما قال ابن جني - أن يكون رأس المقتول الذي طار رأسه يعثر برجل غيره؛ لأنه إذا ضرب الرأس فطار عن الجسد فبعيد أن يسبقه الجسد فيكون قدامه حتى يعثر به، فالعدو والحركة من الجسد بعد سقوط الرأس بعيد إلا ما يحكى عن هدبة ابن خشوم وتحريكه رجله بعد سقوط رأسه ثلاثا. وإنما الرأس إذا ندر عن جسد أحدهم تدحرج فعثر برجل آخر فكأنه يسابقها.
وقوله: الوافر
وكلِّ أصَمَّ يَعْسِلُ جانِبَاهُ ... على الكَعْبَيْنِ منه دَمٌ مُمَارُ
قال: أراد بالكعبين اللذين في عامله وهما يغيبان في المطعون؛ فلذلك وصفهما بأن عليهما دما، ويجوز أن يريد الكعب الأعلى والكعب الأسفل؛ لأن الطعن يقع بهما.
ويجوز أن يريد بالتثنية الجمع، وهو قول ابن جني.
وأقول: يجوز أن يريد بالكعبين الأعلى والأسفل، ولكن على غير ما ذكر لأن الطعن لا يكون بأسفل الرمح، وإنما خص الكعبين بالذكر؛ لأن الأعلى به يقع الطعن، والأسفل، لكثرة الطعن بالأعلى يكثر الدم حتى يصل إليه، فاستغنى بذلك عن ذكر ما بينهما لأن الدم لا يصل إليه إلا وقد وصل إلى جميع كعاب الرمح.
ويحتمل أن يريد بالكعبين نفوذ الأعلى بقوة الطعن ونفوذ الرمح إلى الكعب الأسفل.