وقوله: الطويل

وأوْفَى حياةِ الغابرين لصَاحِبٍ ... حياةُ امرئٍ خانَتْهُ بعد مَشِيبِ

قال: يقول: أوفى عمر أن يبقى المرء حتى يشيب ثم يخونه عمره بعد المشيب. يعني أن الحياة وإن طالت فهي إلى انقضاء.

وأقول: إنه توهم أن أوفى بمعنى أزيد، ففسره على ما ذكر، وليس كذلك. وإنما أوفى من الوفاء؛ ضد الخيانة والغدر. يقول: أوفى حياة؛ أي أشد وفاء لغابر حياة خانته بعد مشيبه، فجعلها كأنها إذا خانته بعد مشيبه فقد وفت له، إذ لم تعاجله قبل المشيب بالموت. فعلى هذا التفسير يكون معنى البيت غريبا؛ وهو أن جعل الخائن وافيا على الوجه الذي ذكره. وعلى التفسير الأول ليس فيه كبير فائدة؛ بل لا فائدة فيه أصلا لأن معناه أن حياة المرء التي تخونه بعد المشيب أزيد من التي تخونه

قبله، كأنه يقول: حياة الشائب أزيد من حياة الشاب، وهذا معلوم ضرورة كما يقال: الباع أطول من الذراع، والجمل أكبر من الحمل، والعشرة أكثر من الخمسة!

وقوله: الطويل

ولولا أيَادي الدَّهْرِ في الجَمْعِ بينَنَا ... غَفَلْنَا فلَمْ نَشْعُرْ له بذُنوبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015