وقوله: الطويل
ولا فَضْلَ فيها للشَّجَاعة والنَّدَى ... وصَبْرِ الفَتَى لولا لقاءُ شَعُوبِ
قال: يقول: لولا الموت لم يكن لهذه المعاني فضل، وذلك ان الناس لو أمنوا
الموت لما كان للشجاع فضل على الجبان؛ لأنه قد أيقن بالخلود فلا خوف عليه، ولا حمد له على شجاعته. وكذلك الصابر على المكروه والسخي لان في الخلود وتنقل الأحوال من عسر إلى يسر، ومن شدة إلى رخاء ما يُسكن النفوس ويُسهل البؤس.
وهذا قول ابن جني، نقله!
قال: ويجوز أن يكون المعنى: إنما يشجع ليدفع الموت عن نفسه، ويجود أيضاً لذلك، ويصبر في الحرب ليدفع الموت أيضاً. فلو لم يكن في الدنيا موت لم يكن لهذه الأشياء فضل.
وأقول: إن تعليل ابن جني للشجاع بما ذكره صواب، وتعليله الصبر والندى بما ذكره تزويق في اللفظ وتلفيق، ليس تحته لمعنى تحقيق! واتباع الواحدي له في نقل ألفاظه، كأنه إعجاب بكلامه، وجهل بمراد الشاعر ومرامه! وكذلك تفسيره هو أيضاً الندى بما فسره به، لم يتنبه له ولا أبان عنه! وقد ابنته في شرح ابن جني.