وقوله: الطويل
ضُرِبْنَ إلينا بالسِّيَاطِ جَهَالةً ... فلمَّا تَعَارَفْنَا ضُرِبْنَ بها عَنَّا
قال: إنما قال: جهالة لأن خيل الروم رأت عسكر سيف الدولة، فظنتهم روما، فأسرعت إليهم، فلما عرفوا الحال أسرعوا هاربين.
وأقول: إن هذه الحكاية أيضاً من خرافات ابن جني! ذلك أن قوله قبل: الطويل
وخَيْلٍ حَشَوْناها الأسِنَّةَ بعدما ... تكَدَّسْنَ مِنْ هَنَّا علَيْنَا ومِنْ هَنَّا
يُفسد هذه الحكاية لأنه وصف خيل الروم بالتكدس من جوانب، وذكر أنهم حشوها الأسنة؛ يعني فرسانها، وذلك كله لا يكون عن جهل بالردية لان الجهل بها إنما يكون مع البعد، فأما إذا قاربوهم عرفوهم لا محالة؛ لان زي المسلمين وشعارهم لا يكاد يُلبس بزي الروم وشعارهم، فرجعوا عنهم ولم يحشوهم الأسنة. وإنما قوله:
ضُرِبْنَ إلينا بالسِّيَاطِ جَهَالَةً ... . . . . . .
أي: جهالة بقتالنا وطعاننا، فلما تعارفنا بالطعان وصدق القتال ضُربن بها عنا، لأنهم إنما دعاهم إلى ذلك الطمع بنا والجهل بأمرنا.