في أرضه وفي قومه دهراً، وهو مختبل أي: ذاهب العقل ويشرب الخمر التي من شأنها أن تُظهر دم الوجه وتحمره حولا وهو ممتقع؛ أي متغير الوجه من الفزع. فهذا التفسير اقرب إلى المعنى وأشبه باللفظ من تفسيره، وهو مع ذلك جائز مأخوذ من قوله: الطويل
صَدَدْتُ كما صَدَّ الرَّمِيُّ تطاوَلَتْ ... به مُدَّةُ الأيَّامِ وهو قَتِيلُ
وقوله: البسيط
وَجَدْتُموهُمْ نِياماً في دِمائِكُمْ ... كأنَّ قتلاكُمُ إياهُمُ فَجَعُوا
قال: أي: في دماء قتلاكم، وذلك أنهم تخللوا القتلى وتلطخوا بدمائهم وألقوا أنفسهم بينهم تشبها بهم خوفا من الروم.
يقول: كأنهم كانوا مفجوعين بقتلاكم فهم فيما بينهم يتوجعون لهم.
وأقول: هذا من جملة التفاسير التي استنبطها ابن جني، واستخرجها من شعره بسوء فهمه وضعف رأيه! وجعلها حكاية عن المتنبي، وتلقّاها من بعده بالنص والقبول، وقد ذكرتها في مواضع من الشروح، وبينت ما فيها من الغلط، واستخرجته بما قبل البيت وما بعده، ومن وقف عليه تبين منه نور الصواب، ولم يغتر بلمع السراب!