هاهنا علّل سقوطها بشيء غيره، وهو ما ذكره في هذه الأبيات من أن نوره فيها كنور الغزالة، وإنها تشرف به، فسقطت لذلك فرحا. ولا يكون النور الذي فيها، والشرف الذي حصل لها، إلا وقد دخلها، فقد علته وشملته. وقد قال أولا إنها لا تشمله لان الاستفهام هنا يراد به النفي في قوله: أينفع، وتشمل وهذا هو التناقض بعينه! إلا أن يريد إنها علته شيئا يسيرا ثم سقطت به وكذلك كانت القضية، فيكون قوله أولا:

. . . . . . ... وتَشْمَلُ مَنْ دَهْرَهَا يَشْمَلُ

أي: كيف تشمل مدى طويلا، أو: كيف تشمل دائما من دهرها يشمل، فأطلق لفظه

ولم يُقيده للأمارة التي دلت عليه. .

وقوله: المتقارب

ولو بُلِّغَ الناسُ ما بُلِّغَتْ ... لخَانَتْهُمُ حولَكَ الأرْجُلُ

قال: أي لو بُلغوا مبلغها من القرب منك لخانتهم أرجلهم ولم تحملهم هيبة لك كما خانتها أطنابها وعمودها.

وأقول: لم يُرد بقوله: ما بُلغت قربها من الممدوح ولكن علوها عليه؛ يقول: إن هذه الخيمة، مع كونها جماداً، قد حل بها من هيبتك ما حل، فلو اتفق أن يُبلّغ ذلك أحد من الناس لكان أبلغ في ذلك من الخيمة، ولسقط كما سقطت، ولخانتهم أرجلهم حولك في قصدهم العلو عليك كما خان الخيمة ما هو لها بمنزلة الأرجل، وهي أطنابها وعمودها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015