الحمد لله الغني فليس له حاجة، المريد ولا باعث أهاجه، بنى بقدرته السحب الرجراجة، وأوقد بصنعته الوهاجه، وعلم عد قطرات البحر وأمواجه، نفذ قضاؤه فرمى كسرى وكسر تاجه، وحط قيصر ونقض ابراجه، كلامه مكتوب ودع العفص وزاجه، فمرض البدعي لا يقبل علاجه، اعتقاد المبتدع وتد في رمله وعقد السني مسمار في ساجه، ليل المبتدع بلا صباح ووجوه أهل السنة صباح (كَمِشكاةٍ فِيها مِصباحُ المِصباحُ فِي زُجاجَة) .
الحمد لله سامع الهمس والضجيج، ومدرك الركز والعجيج، له ذل المصلون وقصد الحجيج، الأمور تجري بقضائه لا بمقتضى التقويم والزيج، على قانون حكمه لا زيغ فيه ولا تعويج، لألطافه إلى من عصاه تطلع وتعريج، يعلم قطرات البحر وما يجري منه في خليج، ويبغض المزمار ويحب البكاء على الأوزار والنشيج، أقرت العقول بوجوده فأما الإحساس ففي أمر مريج، خرج النور بقدرته ونبت، فنبت عنه الأرض (وَرَبَت وأنبَتت مِن كُلِّ زَوجٍ بهِيج) .
الحمد لله الخالق ولم يمس ولم يعالج، العالم بعدد الأشياء فسواء الجبال ورمل عالج، أنشأ الآدمي من طين والجان من مارج، وعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الخادم، ومنسج اللحم على العظم فانظروا قدرة الناسج، وأضحك الباكي من خوفه وأفرح الناشج، يبصر دبيب النمل في ظلمات الداجي في أظلم المناهج، ويسمع وطأ الإبل على الرمل عليها الهوادج، رازق الذر في البر كما يرزق الطير في المبارج، كاشف الغم إذا عم ونعم الفارج، من غيره لكربات الحوائج، باين عن خلقه لا يختلط بهم ولا يمازج، خارج عن الند والضد والمشبه خارج، إذا نزل عذابه سبق الكرة تضربها الصوالج (ليسَ لَهُ دافِعُ، مِن اللهِ ذِي الَمعارِج) .
الحمد لله الذي مد سقف السماء وأحكم برجه، وزينه بمصابيح ونور سرجه، وبسط مهاد الأرض وهيأ المحجه، وأمسكها بالجبال وزلزلها برجه، وأنشأ الآدمي من أمشاج وأحسن نسجه، ونور العين وحسن فيها الدعجه، وصان البصر فقعر أزجه وقوس أزجه، وأنطق الألسن فإذا للمختصين ضجه، وأدار حوايا البطن ثم أحكم شرجه، وقوم القدمين ليقصد الإنسان غرضه ويتوجه، وملأ فم السحاب ماءً فإذا أذن له مجه، وأجرى الأنهار وأخرج الثمار نضيجة وفجه، فأنبتنا حدائق ذات بهجه، وبعث إلى كل مرزوق رزقاً كافياً ودجه، ودل على وجوده لئلا يكون للناس على الله حجة، وبنى البيت لا للسكنى وفرض في العمر حجه، وركز في الطباع الشره (إنَّ هَذا أخِي لَهُ تِسعُ َوتِسعُونَ نَعجَه) يا لها من كلمات تعجبت عند ظهورها عنها اللهجة، وصاحت ألسنة الفصاحة فدينا هذه المهجة، لو عارضها سحبان صار بين الناس فرجه.
الحمد لله الذي أنشأ بقدرته الأبدان والمهج، على غير مثال يكفي في الدليل والحجيج، جمع في الأجساد الضد والضد فازدوج، وبث العظام الصغار والعظام ونسج، وخلق العيون وأحسن في تركيبها الدعج، وصانها في مستقر يشبه الأزج، وحجز بين ماء العين وماء الأذن وماء الفم فما امتزج، وأقام الهدب تذب عنها ما دب ودرج، وجعل للقدم أخمصاً عليه أنين مكروب يرجو الفرج، ويبصر في سواد الليل سواد السبج، وسواء عند علمه ما على وجه الأرض وما في اللجج، لطف بعباده (وَما جَعَلَ عَليكُم فِي الدِّينِ مِن حَرَجِ) ، ويقول في الدجى هل من سائل فيقضي الحوج، أوقد نيران محبته فلها في قلوب أحبته وهج، فالقلب بالحب محترق والصدر بالرضا قد ثلج، فهم يترنمون بكلامه حتى يرون الفجر قد انبلج، كلامه قديم فمن خرج إلى دعوى حدثه خرج، به نزل جبريل ولأجله عرج، (قُرآناً عَرَبيّاً غَيرَ ذِي عِوجٍ) ، أقدم إيماننا سليمة وفي أرجل المبتدعين عرج، ويكفي في قلع أصولهم أبو الفرج.
الخطبة الأولى