الحمد لله الذي تسبحه الأجسام بنين أو نقضن، والأجساد عوفين أو مرضن، والكواكب رمين العدو أو اضن، والهوام ولدن أو بضن، والطير صافات في الهوى ويقبضن، والهموم غلبن فانهضن أو غلبن علم حال مجال الأولاد زدن أو غضن، وجعل حيض المعتدات كتنظيف الأواني فكأنهن رخصن إذ حضن. (واللائي يَئِسن مِن المَحيضِ مِن نِسائِكُم إن اِرتَبتُم فعِدّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أشهرٍ واللائي لم يَحِضن) .
الحمد لله الذي أظهر دليل وحدانيته لأهل معرفته وآياته، وجلى حجة وجوده على أرباب جحوده وجلى برهانه، ابتعث السحاب يميس إلى الغصن اليبيس فلانه، وكان البذر في يوم ثقيل ففتح أجفانه، ولبس ميت كل حفرة ثياب خضرة ورمى أكفانه، فبث الربيع روحه وريحانه، ونش الفنون على الأفنان وكسا مردانه، وماست في ألوان الحلل كل شجرة كانت عريانه، ومنح اللينوفر لون الوجل والياسمين صفرة الخجل وأوقد في الجلنار نيرانه، ففتح الجنبد فاه لكأس الطل ونسي إخوانه، وماعلم الورد الوغد أن الدهور خوانه، وصعدت الورق على منابر الورق وركبت أغصانه، وضربت عيدان شجوها لما علت عيدانه، فأزعجت قلب المشوق وهيجت أحزانه، فتمايل طرباً كأنه نشوان خرج من حانه، وقوى خمار المحب فأظهر سره وإعلانه، فبينما الربيع يميس في حلل الوصال نوى الزمان هجرانه، فتولى لما تولى البرد ومن يرد أحيانه، كذلك تجيء الآخرة وتذهب الدنيا الفتانه، يأتي بتلك الدار من أظهر في هذه الديار سلطانه، أو يقدر سواه على تقلب الأحوال أو يشكر مخلوق إحسانه، (اللهُ الَّذِي خَلقَكُم ثُمَّ رَزَقضكُم ثُم يُمِيتُكُم ثُمَّ يُحِييكُم) هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه، أحمده حمد من تولاه وأصلح شانه، وأصلي على رسوله الذي طوى الدواوين كلها وأبقى ديوانه، وعلى أبي بكر الذي آنسه في الغار وصلى مكانه، وعلى عمر الذي أذل كسرى وأقطع إيوانه، وعلى عثمان الذي جهز جيش العسرة ومانة، وعلى عليّ الذي قلوب أهل السنة إليه حنانه، وعلى عمه العباس الكبير القدر العظيم المكانه، زينت به قريش وافتخرت كنانه، جد سيدنا ومولانا الإمام المستضيء بالله أمير المؤمنين أدام الله عزه وسلطانه، رامي الأعداء بالرعب وما نثل كنانه، سبق القدماء بالجود وهل تسبق الريح الهفانه، لو صاح بين الخلفاء منادي سلع الكرم خرج وأمانه، لسلموها إليه ورأوا بذل ما لم يجدوا خيانه، طم بحر فضله حتى أروى أهل الزمانة، وعضده وأعانه، فاجتلوها من خدرها عفيفة عن الابتذال بالصيانه، لم تقلب على أيدي التجار فيقال خطبة خمانة، هل سمعتم مثلها أمانة في أعناقكم أمانه، لا أباهي بها علماء الزمان بل ساكني الجبانه، لو وضع علمهم في كفة القبان كان لفظي الرمانه.
الحمد لله الذي حرك ضروب العزائم في أرض المجاهدة فضربن، وأعان أقدام العارفين فجبن بيد لواجباتٍ وجبن واجبن فانتجبن، جنود الجد لقطع مسافات الهوى فأنجبن، وأنهض همم العاملين فنصبن وانتصبن فأثبن لما وثبن، وأزعج بالوعيد نفوس الخائفين فانتدبن لذكر الزلل لما بدين، ونثر العطايا على المؤمنين والمؤمنات فأصابوا وأصبن، وفضل الرجال في الجملة على النساء وإن فهمن وتأدبن، ورب ناقصة تمت وقد يصعدن وإن رسبن، فليرض كل بالقضاء فبالآفات لا بالذوات ترى الغبن، ولا تمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض، (للرِجالِ نَصيبُ مِما اِكتَسَبوا ولِلنِساءِ نَصيبُ مِما اِكتَسَبن) .
الحمد لله المقدس عن الأبوة المنزه عن البنوه، العزيز ذي البطش والقوة، الكريم فأياديه مرجوه، نقش النطفة وهي في القرار مخبوة، فإذا هي لعجائب النعم محبوه، وحصن العين بالدعج والشفة بالحوّه، ورقى الطفل باللطف إلى مرتبة الصبوة، ثم نقله إلى الكهولة يهوي في هوه، وفاوت في المعاني بين أهل النبوة والبنوة، وقد شرحت حالة الإنشاء في الآية المقروة. (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن ضَعفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعدِ ضَعفٍ قُوَّة) .