القول الثاني: أن الكفر ملل متعددة، لا يرث أهل كل ملة من أهل الملة الأخرى. وهذا القول رواية عن أحمد، وهو القول الثاني للمالكية، إذ ذهب مالك وأحمد في الرواية الأخرى إلى أن الكفر ملل، فلا يرث اليهودي النصراني، ولا يرثان المجوسي، أخذا بظاهر قوله عليه السلام: "لا يتوارث أهل ملتين" (?) (?).
والقول الثاني هو الراجح. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} [البقرة: 120]، " أي: ليس الهدى ما أنتم عليه؛ بل إن هدى الله وحده هو الهدى" (?).
قال ابن عباس: "يريد أن الذي أنت عليه هو دين الله الذي رضيه" (?).
قال ابن أبي زمنين: " يعني: الإسلام الذي أنت عليه" (?).
قال الزجاج: " أي الصراط الذي دعا إليه وهدى إليه هو الطريق، أي طريق الحق" (?).
قال الصابوني: " أي قل لهم يا محمد إِن الإِسلام هو الدين الحق وما عداه فهو ضلال" (?)
قال القرطبي: "أي: ما أنت عليه يا محمد من هدى الله الحق الذي يضعه في قلب من يشاء هو الهدى الحقيقي، لا ما يدعيه هؤلاء" (?) من الشريعة المنسوخة والكتب المحرفة.
قال أبو السعود: " أي قل ردا عليهم إن هدى الله الذي هو الإسلام هو الهدى بالحق والذي يحق ويصح أن يسمى هدى، وهو الهدى كله ليس وراءه هدى، وما تدعون إليه ليس بهدى، بل هو هوى" (?).
قوله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ} [البقرة: 120]، " أي ولئن سايرتهم على آرائهم الزائفة وأهوائهم الفاسدة" (?).
قال النسفي: " أي أقوالهم التي هي أهواء وبدع" (?).
قال ابن أبي زمنين: " يثبته بذلك؛ وقد علم جل جلاله أنه لا يتبع أهواءهم" (?).
قال أبو السعود: " أي آراءهم الزائغة الصادرة عنهم بقضية شهوات أنفسهم، وهي التي عبر عنها فيما قبل بملتهم إذ هي التي ينتمون إليها، وأما ما شرعه الله تعالى لهم من الشريعة على لسان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهو المعنى الحقيقي للملة، فقد غيروها تغييرا" (?).