و (الأهواء) جمع (هوى)، كما تقول: جمل وأجمال، ولما كانت مختلفة جمعت (?)، ولو حمل على أفراد الملة لقال هواهم (?).
قال الزجاج: " إِنما جمع ولم يقل (هواهم)، لأن جميع الفرق ممن خالف النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ليرضيهم منه إلا أتباع هواهم" (?).
قال الواحدي: " وأراد بهذا: ما يدعونه إليه من المهادنة والإمهال" (?).
وفي هذا الخطاب وجهان (?):
أحدهما: أنه للرسول، لتوجه الخطاب إليه. والمعنى: " لإن صليت نحو قبلتهم بعد الذي جاءك من العلم في التحويل إلى الكعبة" (?).
قال القرطبي: " فيه تأديب لأمته، إذ منزلتهم دون منزلته" (?).
والثاني: أنه للرسول والمراد به أمته، لأن الرسول-صلى الله عليه وسلم- معصوم، والمعنى: " فقد علمتم أن محمدًا قد جاءكم بالحق والصدق، فلا تتبعوا أهواء الكافرين، فلا يكونَ لكم من دوني ولي ولا نصير" (?).
قال ابن عطية: " فهذا شرط، خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم، وأمته معه داخلة فيه" (?).
قوله تعالى: {بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 120]، أي: " بعدما ظهر لك الحق بالبراهين الساطعة والحجج القاطعة" (?).
قال أبو السعود: " أي الوحي أو الدين المعلوم صحته" (?).
قال النسفي: " أي من العلم بأن دين الله هو الإسلام أو من الدين المعلوم صحته بالبراهين الواضحة والحجج اللائحة" (?).
قال الواحدي: أي" دين الله هو الإسلام، وقيل: من العلم أنهم على الضلالة" (?).
قال ابن عثيمين: " يشير إلى الوحي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان القرآن، أو السنة؛ فالذي جاء إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عِلم" (?).
قال الثعلبي: أي: " بعد الذي جاءك من العلم البيان بأن دين الله هو الإسلام وقبلة إبراهيم عليه السلام هي الكعبة" (?).
وكان أحمد بن حنبل يكفّر من يقول: "القرآن مخلوق، فقيل: بم كفرته؟ فقال: بآيات من كتاب الله تعالى: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [البقرة: 145]، والقرآن من علم الله، فمن زعم أنه مخلوق فقد كفر" (?).