قال ابن عطية: "ووجهه مع ضعفه على أن يشفع له شبه اللفظ، وقال أحمد بن موسى في قراءة ابن عامر: «هذا لحن»، لأن الفاء لا تعمل في جواب الأمر إلا إذا كانا فعلين يطرد فيهما معنى الشرط" (?).

والثاني: الرفع، فتكون للاستئناف؛ أي: فهو يكون.

ومن رفع ذلك، " فإنه رأى أن الخبر قد تم عند قوله: {إذا أردناه أن نقول له كن}، إذ كان معلوما أن الله إذا حتم قضاءه على شيء كان المحتوم عليه موجودا، ثم ابتدأ بقوله: فيكون، كما قال جل ثناؤه: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} [الحج: 5] وكما قال ابن أحمر (?):

يعالج عاقرا أعيت عليه ... ليُلْقِحَها فيَنْتِجُها حُوارا

يريد: فإذا هو يَنتجها حُوارا (?).

واختاره الطبري وقرره، لأن (القول) و (الكون) حالهما واحد، "لا يمكن أن يكون الله آمرا شيئا بالوجود إلا وهو موجود، ولا موجودا إلا وهو آمره بالوجود" (?).

واعترض عليه ابن عطية فقال: " وهو خطأ من جهة المعنى، لأنه يقتضي أن القول مع التكوين والوجود" (?).

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: عظم قدرة الله عز وجل ببدع السموات، والأرض؛ فإنها مخلوقات عظيمة.

2 - ومنها: حكمة الله سبحانه وتعالى بأن هذه السموات، والأرض على نظام بديع عجيب؛ قال تعالى: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} [الملك: 3]؛ هذا النظام الواسع الكبير العظيم لا يختل، ولا يتغير على مر السنين، والأعوام؛ فتدل على قدرة باهرة بالغة، وحكمة عظيمة بالغة: كل شيء منظم تنظيماً بديعاً متناسباً، فلا يصطدم شيء بشيء فيفسده؛ ولا يغير شيء شيئاً؛ بل كل سائر حسب ما أمره الله به؛ قال الله تعالى: {وأوحى في كل سماء أمرها} [فصلت: 12]؛ إذاً {بديع السموات والأرض} يستفاد منها القوة، والقدرة، والحكمة.

3 - ومن فوائد الآيتين: أن السموات عدد؛ لأن الجمع يدل على العدد؛ وقد بيَّن الله في القرآن، وثبتت السنة، وأجمع المسلمون على أن السماء جرم محسوس؛ وليس كما قال أهل الإلحاد: إن الذي فوقنا فضاء لا نهاية له؛ وأما الأرض فلم تأت في القرآن إلا مفردة؛ لكن أشار الله سبحانه وتعالى إلى أنها سبع في قوله تعالى: {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن} [الطلاق: 12]؛ وصرحت السنة بذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين» (?).

4 - ومن فوائد الآيتين: أن الله سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، ولا يمتنع عن أمره شيء؛ لقوله تعالى: {إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون}.

5 - ومنها: إثبات القول لله؛ لقوله تعالى: {فإنما يقول له}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015