و {المشرق}: "هو موضع شروق الشمس، وهو موضع طلوعها، كما يقال: لموضع طلوعها منه: (مطلع)، بكسر اللام" (?).
قال الراغب: " المشرق والمغرب، تارة يقالان بلفظ الواحد إما إشارة إلى ناحية الأرض، وإما إلى المطلع والمغيب، وتارة بلفظ التثنية إشارة إلى مشرقي ومغربي الشتاء والصيف، وتارة بلفظ الجمع اعتباراً باختلاف المغارب والمطالع كل يوم، وشرقت الشمس طلعت، وأشرقت: أضاءت وذلك إذا كثير شروقها، وشرقت اللحم: ألقيته على الشمس المشرق، والشرف الصلب لأنه يقام فيه صلاة [العيد] عند شروقها، وشرق الثوب بالصبغ تشبيها بلون الشرقة، والغروب للشمس تصور منه بعد ذهابها عن العمارة، فيقال لدى تباعد غروب، ومنه الغروب لكونه مبعدا في الذهاب، وغارب السنام لبعده عن المنال، وغرب السيف أبعد جزء من صحيفته، ثم تصور منه حدته، فقيل لسان غرب وسمي الدلو غرباً لتصور بعدها في البئر، ثم سمي الماء به كتسميتهم إياها بالذنوب لكونه فيها، والغرب للذهب لكونه غريباً فيما بين الجواهر، والغرب لبعده عن المثمرات من الأشجار" (?).
وقد خصهما (المشرق والمغرب) بالذكر، لكونهما محل الآيات العظيمة، فهما مطالع الأنوار ومغاربها، فإذا كان مالكا لها، كان مالكا لكل الجهات.
قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله} [البقرة: 115]، " أي إلى أي جهة توجهتم بأمره فهناك قبلته التي رضيها لكم" (?).
قال أبو السعود: " أي ففي أي مكان فعلتم تولية وجوهكم شطر القبلة، فهناك جهته" (?).
قال الزمخشري: " ففي أى مكان فعلتم التولية، [فثمّ] جهته التي أمر بها ورضيها، والمعنى أنكم إذا منعتم أن تصلوا في المسجد الحرام أو في بيت المقدس، فقد جعلت لكم الأرض مسجداً فصلوا في أى بقعة شئتم من بقاعها، وافعلوا التولية فيها فإن التولية ممكنة في كل مكان لا يختص إسكانها في مسجد دون مسجد ولا في مكان دون مكان" (?).
قال الراغب: أي" وحيث ما توجهتم، فهو موجود يمكنكم الوصول إليه" (?).
وقد اختلف فيه المفسرون من السلف، والخلف، في قوله تعالى {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115]، على أقوال (?):
أحدها: أن المراد به: وجه الله الحقيقي. وإنه من آيات الصفات. وهذا قول ابن خزيمة (?)، والسعدي (?)، وابن عثيمين (?).