كيف نصلي على رجل مات، وهو يصلي على غير قبلتنا؟ وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة، فأنزل الله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله} " (?).

وأخرج الطبري عن قتادة: " إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه. قالوا: نصلي على رجل ليس بمسلم! قال فنزلت {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [سورة آل عمران: 199]، قال: قتادة، فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة، فأنزل الله عز وجل: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} " (?).

قال الواحدي: " ومذهب قتادة أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: {وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره} (?)، فهذا قول ابن عباس عند عطاء الخراساني، وقال: أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة، قال الله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله}، قال: فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق، ثم صرفه الله تعالى إلى البيت العتيق" (?).

الخامس: أخرج الطبري وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: "لما هاجَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكان [أكثرَ] أهلها اليهودُ، أمَره الله أن يستقبل بيتَ المقدس. ففرحت اليهود. فاستقبلها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بضْعة عَشر شَهرًا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحبّ قبلةَ إبراهيم عليه السلام، وكان يدعو وينظر إلى السماء. فأنزل الله عز وجل: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [سورة البقرة: 144] الآية. فارتاب من ذلك اليهود وقالوا: " ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها "؟ فأنزل الله عز وجل: {قُلْ لله المشرق والمغرب} " (?).

السادس: : وقال مجاهد: " لما نزلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر: 60]، قالوا: إلى أين؟ فنزلت: {فأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة: 115] " (?).

قوله تعالى {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 115]، " أي لله مكان شروق الشمس ومكان غروبها والمراد جميع الأرض" (?).

قال الطبري: "أي: "لله ملكهما وتدبيرهما" (?).

قال الزمخشري: " أى بلاد المشرق والمغرب والأرض كلها للَّه هو مالكها ومتوليها" (?).

قال أبو السعود: " أي له كل الأرض التي هي عبارة عن ناحيتي المشرق والمغرب لا يختص به من حيث الملك والتصرف ومن حيث المحلية لعبادته مكان منها دون مكان" (?).

قال ابن عثيمين: " يعني أن الله سبحانه وتعالى مختص بملك المشرق، والمغرب؛ وأما من سواه فملكه محدود .. ويحتمل أن المراد له كل شيء؛ لأن ذكر المشرق والمغرب يعني الإحاطة والشمول" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015