قال ابن كثير: " أي لا تُمَكِّنوا هؤلاء - إذا قَدَرُتم عليهم - من دخولها إلا تحت الهدنة والجزية. ولهذا لما فتح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مكة أمر من العام القابل في سنة تسع أن ينادى برحاب منى: "ألا لا يَحُجَّن بعد العام مشرك، ولا يطوفن بالبيت عُريان، ومن كان له أجل فأجله إلى مدته" (?)، وهذا كان تصديقًا وعملا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} الآية [التوبة: 28] " (?).

قال الزمخشري: " وقد اختلف الفقهاء في دخول الكافر المسجد: فجوّزه أبو حنيفة رحمه اللَّه، ولم يجوّزه مالك، وفرق الشافعي بين المسجد الحرام وغيره" (?).

قال الطبري: "خبر من الله تعالى عمن"منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، أنه قد حرم عليهم دخول المساجد التي سعوا في تخريبها، ومنعوا عباد الله المؤمنين من ذكر الله عز وجل فيها، ما داموا على مناصبة الحرب، إلا على خوف ووجل من العقوبة على دخولهموها" (?).

وفي تفسير قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خَآئِفِينَ} [البقرة: 114]، قولان (?):

أحدهما: خائفين بأداء الجزية، وهذا قول السدي (?).

والثاني: خائفين من الرعب، إن قُدر عليهم عوقبوا، وهذا قول قتادة (?).

قال ابن كثير: " والصحيح، أن الخزي في الدنيا أعم من ذلك كله، وقد ورد الحديث بالاستعاذة من خزي الدنيا وعذاب الآخرة" (?). ثم ذكر الحديث (?).

وذكر الشيخ ابن عثيمين: في قوله تعالى {مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} [البقرة: 114]، ثلاثة معان:

الأول: ما كان ينبغي لهؤلاء أن يدخلوها إلا خائفين فضلاً عن أن يمنعوا عباد الله؛ لأنهم كافرون بالله عز وجل؛ فليس لهم حق أن يدخلوا المساجد إلا خائفين.

الثاني: أن هذا خبر بمعنى النهي؛ يعني: لا تدعوهم يدخلوها - إذا ظهرتم عليهم - إلا خائفين.

الثالث: أنها بشارة من الله عز وجل أن هؤلاء الذين منعوا المساجد - ومنهم المشركون الذين منعوا النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الحرام - ستكون الدولة عليهم، ولا يدخلونها إلا وهم ترجف قلوبهم (?).

قوله تعالى: {لَهُمْ في الدُّنْيَا خِزْيٌ} [البقرة: 114]، "أي لأولئك المذكورين هوانّ وذلة في الدنيا" (?).

قال أبو السعود: " أي خزي فظيع لا يوصف بالقتل والسبي والإذلال بضرب الجزية عليهم" (?).

قال ابن عثيمين: " أي ذل، وعار" (?).

قال السعدي: " أي: فضيحة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015