والثالث: أنهم مشركو قريش، منعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام عام الحديبية، وهذا قول عبد الرحمن بن زيد (?)، ورواية سعيد بن جبير عن ابن عباس (?).

والرابع: أنه عَامٌّ في كل مشرك، منع من كل مسجد.

الخامس: وقال أبو مسلم: "المراد منه الذين صدوه عن المسجد الحرام حين ذهب إليه من المدينة عام الحديبية، واستشهد بقوله تعالى: {هم الذين كفروا وصدوكم * عند المسجد الحرام} [الفتح: 25] وبقوله: {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} [الأنفال: 34] وحمل قوله: {إلا خائفين} بما يعلى الله من يده، ويظهر من كلمته، كما قال في المنافقين: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (61) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} [الأحزاب: 60 - 61] " (?).

السادس: وقال الرازي: " لما حولت القبلة إلى الكعبة شق ذلك على اليهود فكانوا يمنعون الناس عن الصلاة عند توجههم إلى الكعبة ولعلهم سعوا أيضا في تخريب الكعبة بأن حملوا بعض الكفار على تخريبها، وسعوا أيضا في تخريب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لئلا يصلوا فيه متوجهين إلى القبلة، فعابهم الله بذلك وبين سوء طريقتهم فيه" (?).

قوله تعالى: {أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} [البقرة: 114]، "أي ما ينبغي لأولئك أن يدخلوها إِلا وهم في خشية وخضوع، فضلاً عن التجرؤ على تخريبها أو تعطليها" (?).

قال المراغي: " أي أولئك المانعون ما كان ينبغى لهم أن يدخلوها إلا بخشية وخضوع، فكيف بهم دخلوها مفسدين ومخرّبين، فما كانت عبادة الله إلا نافعة للبشر، وما كان تركها إلا ضارّا لهم" (?).

قال أبو السعود: " أي ما كان ينبغي لهم أن يدخلوها إلا بخشية وخضوع فضلا عن الاجتراء على تخريبها أوتعطيلها أوما كان الحق أن يدخلوها إلا على حال التهيب وارتعاد الفرائص من جهة المؤمنين أن يبطشوا بهم، فضلا أن يستولوا عليها ويلوها ويمنعوهم منها أو ما كان لهم في علم الله تعالى وقضائه بالآخرة إلا ذلك فيكون وعدا للمؤمنين بالنصرة واستخلاص ما استولوا عليه منهم وقد أنجز الوعد ولله الحمد" (?).

قال النسفي: " أي ما كان ينبغي لهم أن يدخلوا مساجد الله إلا على حال التهيب وارتعاد الفرائص من المؤمنين أن يبطشوا بهم فضلاً أن يستولوا عليها ويلوها ويمنعوا المؤمنين منها" (?).

وقال الواحدي: " أعلم الله عز وجل أن أمر المسلمين يظهر على جميع من خالفهم، حتى لا يمكن دخول مخالف إلى مساجدهم إلا خائفا، وهذا كقوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33]. الآية" (?).

وقيل: "معناه النهى عن تمكينهم من الدخول والتخلية بينهم وبينه، كقوله: {وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} [الأحزاب: 53] " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015