وسلم. وكيف يجوز أن يكون معنى ذلك إنكار كل فريق منهم أن يكون الفريق الآخر على شيء بعد بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم، وكلا الفريقين كان جاحدا نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحال التي أنزل الله فيها هذه الآية؟ ولكن معنى ذلك: وقالت اليهود: ليست النصارى على شيء من دينها منذ دانت دينها، وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء منذ دانت دينها (?).
واختلف في (الكتاب) الذي يتلونه على قولين (?):
أحدهما: أنه: التوراة والإنجيل، فالألف واللام للجنس. اختاره الزمخشري (?)، وهو المشهور.
والثاني: وقيل: التوراة، لأن النصارى تمتثلها، فالألف واللام للعهد.
قال ابن عثيمين: " والمراد بـ (الْكِتَابَ) الجنس، فيشمل التوراة، والإنجيل (?).
قوله تعالى: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} [البقرة: 113]، " أي كذلك قال مشركو العرب مثل قول أهل الكتاب قالوا: ليس محمد على شيء" (?).
قال السدي: " فهم العرب، قالوا: ليس محمد على شيء" (?).
قال المراغي: " أي مثل هذا القول الذي لم يبن على برهان، قال الجهلة من عبدة الأوثان لأهل كل دين: لستم على شاء والحق وراء هذه المزاعم، فهو إيمان خالص وعمل صالح لو عرفه الناس حقّ المعرفة لما تفرقوا ولا اختلفوا فى أصوله، لكنهم تعصبوا لأهوائهم فاختلفوا فيه وتفرّقوا طرائق قددا" (?).
قال الزجاج: " يعني به: الذين ليسوا بأصحاب كتاب، نحو مشركي العرب والمجوس، المعنى أن هؤلاء أيضاً قالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا" (?).
قال الزمخشري: " أى مثل ذلك الذي سمعت به على ذلك المنهاج قالَ الجهلة الَّذِينَ لا علم عندهم ولا كتاب كعبدة الأصنام والمعطلة ونحوهم قالوا لأهل كل دين: ليسوا على شيء. وهذا توبيخ عظيم لهم حيث نظموا أنفسهم مع علمهم في سلك من لا يعلم" (?).
وقال الثعلبي: " {قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} يعني آباءهم الّذين مضوا، {مِثْلَ قَوْلِهِمْ} يعني مشركي العرب" (?).
واختلف في تفسير قوله تعالى {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 113]، على وجوه (?):
أحدها: أنه عنى بذلك مشركي العرب، لأنهم لا كتاب لهم. وهذا قول السدي (?)، ومقاتل (?)، وهو قول الجمهور (?).
والثاني: أن المراد: اليهود، وكأنه أعيد قولهم، أي: "قالت النصارى مثل قول اليهود قبلهم". قاله الربيع (?)، وعن قتادة (?) وأبي العالية (?)، مثله.