قال أبو العالية: " {إن كنتم صادقين}، بما تقولون إنه كما تقولون" (?). وروي عن الربيع بن أنس نحو ذلك (?).

قال الطبري: أي: " إن كنتم في دعواكم - من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا أو نصارى - محقين" (?).

قال ابن عثيمين: " فهو تحدٍّ، كقوله تعالى: {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين * ولن يتمنوه أبداً بما قدمت أيديهم} [البقرة: 94، 95]؛ فإذا كانوا صادقين في زعمهم أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً، أو نصارى فليأتوا بالبرهان؛ ولن يأتوا به؛ إذاً يكونون كاذبين" (?).

قال الزمخشري: " وهذا أهدم شيء لمذهب المقلدين، وأنّ كل قول لا دليل عليه فهو باطل غير ثابت" (?).

قال السعدي: " وهكذا كل من ادعى دعوى، لا بد أن يقيم البرهان على صحة دعواه، وإلا فلو قلبت عليه دعواه، وادعى مدع عكس ما ادعى بلا برهان لكان لا فرق بينهما، فالبرهان هو الذي يصدق الدعاوى أو يكذبها، ولما لم يكن بأيديهم برهان، علم كذبهم بتلك الدعوى" (?).

الفوائد:

1 من فوائد الآية: بيان ما كان عليه اليهود، والنصارى من الإعجاب بما هم عليه من الدين ..

2 ومنها: تعصب اليهود، والنصارى؛ وتحجيرهم لفضل الله ..

3 ومنها: أن ما ادعوه كذب؛ لقوله تعالى: {تلك أمانيهم}؛ فعلى قول هؤلاء اليهود يكون النصارى، والمسلمون لن يدخلوا الجنة؛ وقد سبق أن قالوا: لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ثم تخلفوننا فيها؛ وعلى قول النصارى لا يدخل اليهود، ولا المسلمون الجنة؛ أما اليهود فصحيح: فإنهم كفروا بعيسى، وبمحمد؛ ومن كفر بهما فإنه لن يدخل الجنة؛ وأما بالنسبة للمسلمين فغير صحيح؛ بل المسلمون هم أهل الجنة؛ وأما اليهود والنصارى الذين لم يتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم أهل النار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بما أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" (?)؛ فالحاصل أن هذا القول. وهو قولهم: لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى. كذب من الطرفين؛ ولهذا قال تعالى: {تلك أمانيهم}؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني (?) " ..

4 ومن فوائد الآية: أن من اغتر بالأماني، وطمع في المنازل العالية بدون عمل لها ففيه شَبه من اليهود، والنصارى ..

5 ومنها: عدل الله عز وجل في مخاطبة عباده، حيث قال تعالى: {قل هاتوا برهانكم}؛ لأن هذا من باب مراعاة الخصم، وأنه إن كان لكم بينة فهاتوها؛ وهذا لا شك من أبلغ ما يكون من العدل؛ وإلا فالحكم لله العلي الكبير ..

6 ومنها: أن هؤلاء لا برهان لهم على ما ادعَوه بدليل أنهم لم يأتوا به ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015