أحدها: أنه المقالة المفهومة من: {قالوا لن يدخل}، أي: تلك المقالة أمانيهم.
قال السمين الحلبي: "، فإن قيل: فكيف أفرد المبتدأ وجمع الخبر؟ فالجواب أن تلك كناية عن المقالة، والمقالة في الأصل مصدر، والمصدر يقع بلفظ الإفراد للمفرد والمثنى والمجموع، فالمراد بـ «تلك» الجمع من حيث المعنى" (?).
والثاني: أن يشار بها إلى الأماني المذكورة، وهي أمنيتهم ألا ينزل على المؤمنين خير من ربهم، وأمنيتهم أن يردوهم كفارا، وأمنيتهم ألا يدخل الجنة غيرهم.
قال السمين الحلبي: "وهذا ليس بظاهر، لأن كل جملة ذكر فيها ودهم لشيء قد كملت وانفصلت واستقلت بالنزول، فيبعد أن يشار إليها" (?).
والثالث: أن يكون على حذف مضاف، أي: أمثال تلك الأمنية أمانيهم، يريد أن أمانيهم جميعا في البطلان مثل أمنيتهم هذه.
قال السمين الحلبي: " وفيه قلب الوضع، إذ الأصل أن يكون {تلك} مبتدأ، و {أمانيهم}، خبر، فقلب هذا الوضع، إذ قال: إن أمانيهم في البطلان مثل أمنيتهم هذه، وفيه أنه متى كان الخبر مشبها به المبتدأ فلا يتقدم الخبر" (?).
قوله تعالى: " {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} [البقرة: 111]، "أي قل لهم يا محمد أئتوني بالحجة الساطعة على ما تزعمون" (?).
قال الزمخشري: أي: " هلّموا حجتكم على اختصاصكم بدخول الجنة" (?).
قال الطبري: أي: "يا محمد، قل للزاعمين أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا أو نصارى، دون غيرهم من سائر البشر: {هاتوا برهانكم}، على ما تزعمون من ذلك، فنسلم لكم دعواكم" (?).
قال ابن عطية: " أمر محمد صلى الله عليه وسلم بدعائهم إلى إظهار البرهان" (?).
قال أبو العالية: " أي حجتكم" (?).وروي عن مجاهد، والسدي، والربيع نحو ذلك (?).
وقال قتادة: " بيّنتكم على ذلك، إن كنتم صادقين" (?).
قال السعدي: " فحكموا لأنفسهم بالجنة وحدهم، وهذا مجرد أماني غير مقبولة، إلا بحجة وبرهان" (?).
و(البرهان): الحجة (?)، أي: الدليل الذي يوقع اليقين، وجمعه براهين، مثل قربان وقرابين، وسلطان وسلاطين (?).
وأصل (هَاتُوا)، هاتيوا، حذفت الضمة لثقلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، يقال في الواحد المذكر: هات، مثل رام، وفي المؤنث: هاتي، مثل رامي (?).
قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111]، أي: " إِن كنتم صادقين في دعواكم" (?).