قوله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ الله} [البقرة: 110]، " أي وما تتقربوا إِلى الله من صلاة أو صدقة أو عمل صالح فرضاً كان أو تطوعاً، تجدوا ثوابه عند الله" (?).

قال المراغي: " أي وما تعملوا من خير تجدوا جزاءه عند ربكم يوم توفى كل نفس جزاء عملها بالقسطاس المستقيم" (?).

قال الطبري: " يعني: ومهما تعملوا من عمل صالح في أيام حياتكم، فتقدموه قبل وفاتكم ذخرا لأنفسكم في معادكم، تجدوا ثوابه عند ربكم يوم القيامة، فيجازيكم به" (?).

قال سعيد بن جبير: " {ما تقدموا}، يعني: ما عملوا من الأعمال من الخير في الدنيا" (?).

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية، في قوله {تَجِدُوهُ عِندَ الله}، قال: " تجدوا ثوابه عند الله" (?). وروي عن الربيع بن أنس نحو ذلك (?).

وقال أبو حيان: " لما قدم الأمر بالصلاة والزكاة أتى بهذه الجملة الشرطية عامة لجميع أنواع الخير، فيندرج فيها الصلاة والزكاة وغيرهما .. وقد فسر الخير هنا بالزكاة والصدقة، والأظهر العموم" (?).

و(الخير) هو العمل الذي يرضاه الله، وإنما قال: (تجدوه)، والمعنى: تجدوا ثوابه، كما قال الشاعر (?):

وَسَبَّحَتِ الْمَدِينَةُ، لا تَلُمْهَا ... رَأَتْ قَمَرًا بِسُوقِهِمُ نَهَارَا

وإنما أراد: وسبح أهل المدينة (?).

وقوله تعالى: {عِندَ اللَّهِ} [البقرة: 110]، أي "تجدوه مدّخراً ومعدًّا عند الله، والظرفية هنا المكاتبة ممتنعة، وإنما هي مجاز بمعنى القبل، كما تقول لك: عندي يد، أي في قبلي، أو بمعنى في علم الله نحو: {وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ}، أي في علمه وقضائه، أو بمعنى الاختصاص بالإضافة إلى الله تعالى تعظيماً كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} " (?).

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 110]، "أي إن الله رقيب عليكم مطلع على أعمالكم فيجازيكم عليها يوم الدين" (?).

قال ابن عطية: " خبر في اللفظ، معناه الوعد والوعيد" (?).

قال ابن كثير: يعني: "أنه تعالى لا يغفل عن عمل عامل، ولا يضيع لديه، سواء كان خيرًا أو شرًا، فإنه سيجازي كل عامل بعمله" (?).

قال المراغي: أي: " فهو عالم بجميع أعمالكم كثيرها وقليلها، لا تخفى عليه خافية من أمركم، خيرا كانت أو شرّا وهو مجازيكم عليها.

ولا يخفى ما في هذا من الترغيب والترهيب" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015