قال ابن عطية: فكأن الخارج من المال يطهره من تبعة الحق الذي جعل الله فيه للمساكين، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى في الموطأ ما يخرج في الزكاة أوساخ الناس (?) " (?).

واختار الطبري هذا الوجه، قائلا: " وقد يحتمل أن تكون سُمِّيت زكاة، لأنها تطهيرٌ لما بقي من مال الرجل، وتخليص له من أن تكون فيه مَظْلمة لأهل السُّهْمان (?)، كما قال جل ثناؤه مخبرًا عن نبيه موسى صلوات الله عليه: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} [سورة الكهف: 74]، يعني بريئة من الذنوب طاهرة. وكما يقال للرجل: هو عدل زَكِيٌّ - لذلك المعنى، وهذا الوجه أعجب إليّ - في تأويل زكاة المال - من الوجه الأوّل، وإن كان الأوّل مقبولا في تأويلها" (?).

وقال ابن الأثير: وأصل الزكاة في اللغة: الطهارة والنماء والبركة والمدح فالزكاة طهرة للأموال وزكاة الفطر طهرة للأبدان (?).

وقال ابن عثيمين: " وسميت زكاة؛ لأنها تزكي الإنسان، كما قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103]؛ فهي تزكي الإنسان في أخلاقه، وعقيدته، وتطهره من الرذائل؛ لأنها تخرجه من حظيرة البخلاء إلى حظيرة الأجواد، والكرماء؛ وتكفِّر سيئاته" (?).

قلت: وكل ذلك صحيح في معنى التسمية، فهي تزكي وتنمي المعطي والمعطى والمال الذي أخرجت منه.

والثالث: وقيل زكا الفَرْدُ، إذا صارَ زَوْجًا، بزيادة الزائد عليه حتى صار به شفْعًا.

قال الواحدي: "والعرب تقول للفرد: خسا، وللزوجين اثنين: زكا، قيل لهما: زكا، لأن الاثنين أكثر من الواحد" (?)، ثم استشهد بقول الشاعر (?):

إِذا نَحْنُ في تِعْدَادِ خَصْلِكَ لَمْ نَقُلْ ... خَسَا وَزَكا أَعْيَيْن مِنَّا المُعَدِّدَا

ومنه قول الشاعر (?):

كَانُوا خَسًا أو زَكًا مِنْ دُونِ أَرْبَعَةٍ ... لَمْ يُخْلَقُوا، وَجُدُودُ النَّاسِ تَعْتَلجُ

وقال آخر (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015