واشتغلوا -أيها المؤمنون- بأداء الصلاة على وجهها الصحيح، وإعطاء الزكاة المفروضة. واعلموا أنَّ كل خير تقدمونه لأنفسكم تجدون ثوابه عند الله في الآخرة. إنه تعالى بصير بكل أعمالكم، وسيجازيكم عليها.
قال أبو حيان: " لما أمر بالعفو والصفح، أمر بالمواظبة على عمودي الإسلام: العبادة البدنية، والعبادة المالية، إذ الصلاة فيها مناجاة الله تعالى والتلذذ بالوقوف بين يديه، والزكاة فيها الإحسان إلى الخلق بالإيثار على النفس، فأمروا بالوقوف بين يدي الحق وبالإحسان إلى الخلق" (?).
قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 110]، "أي ائتوا بها مستقيمة بشروطها، وأركانها، وواجباتها، ومكملاتها" (?).
قال الثعلبي: " أي: "وحافظوا على الصلوات الخمس بمواقيتها [وأركانها] وركوعها وسجودها" (?).
قال ابن عطية: " معناه: أظهروا هيئتها وأديموها بشروطها" (?).
وأخرج ابن أبي حاتم "عن الحسن في قوله: {وأقيموا الصلاة}، قال: فريضة واجبة لا تنفع الأعمال إلا بها وبالزكاة" (?). وروي عن عطاء بن أبي رباح وقتادة نحو ذلك (?).
وقال الزهري: "إقامتها أن تصلي الصلوات الخمس لوقتها" (?).
و(إقامة الصلاة): "أداؤها - بحدودها وفروضها والواجب فيها - على ما فُرِضَتْ عليه، كما يقال: أقام القومُ سُوقَهم، إذا لم يُعَطِّلوها من البَيع والشراء فيها" (?)، وكما قال الشاعر (?):
أَقَمْنَا لأَهْلِ الْعِرَاقَيْنِ سُوقَ الـ ... ـضِّرَاب فَخَامُوا وَوَلَّوْا جَمِيعَا
قوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، "يعني: وأدّوا زكاة أموالكم المفروضة" (?).
قال الطبري: " وإيتاءُ الزكاة، هو أداء الصدقة المفروضة" (?).
قال ابن عثميمين: " أي أعطوا الزكاة" (?).
واختلف في أصل (الزَّكاة) على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها مأخوذة من: زكا الشيء، إذا نما وزاد، قال الراغب: أصل الزكاة: النمو الحاصل عن بركة الله تعالى (?).
قال ابن عطية: "وسمي الإخراج من المال زكاة وهو نقص منه، من حيث ينمو بالبركة أو بالأجر الذي يثيب الله به المزكي" (?).
الثاني: أن (الزَّكاةَ) مأخوذة من التطهير، كما يقال زكا فلان أي طهر من دنس الجرحة أو الاغفال (?).