وقد اختلف أهل العلم في تفسير قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]، على وجوه (?):

أحدها: في المنفعة والرفق والرفعة. قاله ابن عباس (?).

والثاني: أن معنى خير منها، أي أخف منها، بالترخيص فيها، وهذا معنى قول قتادة (?).

قال الماوردي: "فيكون تأويل الآية، ما نغير من حكم آية فنبدله، أو نتركه فلا نبدله، نأت بخير لكم أيها المؤمنون حكماً منها، إما بالتخفيف في العاجل، كالذي كان من نسخ قيام الليل تخفيفاً، وإما بالنفع بكثرة الثواب في الآجل، كالذي كان من نسخ صيام أيام معدودات بشهر رمضان" (?).

الثالث: أن معناه: الأصلح لكم. اختاره الرازي (?).

الرابع: وقيل: أن لفظة" {خير}، في الآية مصدر، و {من} لابتداء الغاية" (?).

ضعّفه ابن عطية فقال: " ويقلق هذا القول لقوله تعالى أَوْ مِثْلِها إلا أن يعطف المثل على الضمير في مِنْها دون إعادة حرف الجر، وذلك معترض" (?).

والراجح أن: " لفظة {خير} في الآية صفة تفضيل، والمعنى: بأنفع لكم أيها الناس في عاجل، إن كانت الناسخة أخف، وفي آجل، إن كانت أثقل، وبمثلها إن كانت مستوية" (?). والله أعلم.

قال أبو حيان: " وحكي عن ابن عباس أن في الآية تقديماً وتأخيراً تقديره: ما نبدل من حكم آية نأت بخير منها، أي أنفع منها لكم، أو مثلها. ثم قال: أو ننساها، أي نؤخرها، فلا ننسخها ولا نبدلها. وهذه الحكاية لا تصح عن ذلك الحبر ابن عباس، إذ هي محيلة لنظم القرآن" (?).

قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 106]، " أي ألم تعلم أيها المخاطب أن الله عليم حكيم قدير، لا يصدر منه إِلا كل خير وإِحسان للعباد" (?).

قال محمد بن إسحاق: " أي لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك" (?).

قال الزمخشري: " فهو يقدر على الخير، وما هو خير منه، وعلى مثله في الخير" (?).

قال النسفي: " أي قادر فهو يقدر على الخير وعلى مثله" (?).

قال الواحدي: " أي: من النسخ والتبديل وغيرهما" (?).

قال البيضاوي: " فيقدر على النسخ والإتيان بمثل المنسوخ، أو بما هو خير منه" (?).

قال البغوي: أي" من النسخ والتبديل، لفظه استفهام، ومعناه تقرير، أي: إنك تعلم" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015