ننسخ من آية أو تُنسها}، وتأويل هذه القراءة نظير تأويل قراءة من قرأ: {أو نُنسها}، إلا أن معنى (أو تُنسها)، أنت يا محمد" (?).

قال الشيخ ابن عثيمين: "وأما {ننسأها} فهو من (النسأ)؛ وهو التأخير؛ ومعناه: تأخير الحكم، أو تأخير الإنزال؛ أي أن الله يؤخر إنزالها، فتكون الآية لم تنزل بعد؛ ولكن الله سبحانه وتعالى أبدلها بغيرها" (?).

وقراءة الهمز على اختلاف وجوهها معناها التأخير، ويكون معنى الآية على هذا فيه أربعة أقوال (?):

أحدها: نؤخر نسخها ونزولها، وهو قول عطاء (?).

والثاني: نمحها لفظاً وحكماً، وهو قول ابن زيد (?).

والثالث: نؤخر حكمها ونبقي تلاوتها، أو نؤخر تلاوتها ونبقي حكمها.

والرابع: نمضها فلا ننسخها، وهو ضعيف لقوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} لأن ما أمضي وأُقِرَّ لا يقال فيه نأت بخير منه.

والقراءة الثالثة: بضم النون الأولى في (نُنسخ) وكسر السين؛ وضم النون في (نُنسها) بدون همز وهي قراءة ابن عامر وفيها وجهان (?):

أحدهما: أن يكون: نسخ وأنسخ، بمعنى واحد.

والثاني: أنسخته: جعتله ذا نسخ، كما قال قوم للحجاج وقد صلب رجلا: أقبروا فلانا، أي اجعلوه ذا قبر، قال تعالى: {ثم أماته فأقبره} [عبس: 21].

قال الطبري: فيكون المعنى: "ما ننسخك يا محمد نحن من آية - من: أنسختك فأنا أنسخك، وذلك خطأ من القراءة عندنا (?)، لخروجه عما جاءت به الحجة من الْقَرَأَة بالنقل المستفيض. وكذلك قراءة من قرأ (تُنسها) أو (تَنسها) لشذوذها وخروجها عن القراءة التي جاءت بها الحجة من قراء الأمة" (?) (?).

وأولى القراءات من قرأ: {أو نُنْسها} بمعنى: نتركها، "لأن الله جل ثناؤه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه مهما بدل حكما أو غيره، أو لم يبدله ولم يغيره، فهو آتيه بخير منه أو بمثله. فالذي هو أولى بالآية، إذْ كان ذلك معناها، أن يكون - إذ قدم الخبر عما هو صانع إذا هو غير وبدل حكم آية أن يعقب ذلك بالخبر عما هو صانع، إذا هو لم يبدل ذلك ولم يغير. فالخبر الذي يجب أن يكون عقيب قوله: {ما ننسخ من آية}، قوله: أو نترك نسخها، إذ كان ذلك المعروف الجاري في كلام الناس. مع أن ذلك إذا قرئ كذلك بالمعنى الذي وصفت،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015