وقال أبو علي وغيره: ذلك متجه، لأنه بمعنى نجعلك تتركها (?).

وحكى الأزهري: {نُنْسها}، أي نأمرُ بتركه (?)، وبه قال الزجاج (?).

يقال: أنسيتُه الشيء أي أمرتُ بتركه، ونسيتُه تركته، قال الشاعر (?):

إنّ عليّ عُقْبَة أقضيها ... لستُ بناسِيْها ولا مُنْسِيها

أي ولا آمر بتركها (?).

قال القرطبي: "وما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {أو ننسها}، قال: "نتركها لا نبدلها" (?)، فلا يصح، ولعل ابن عباس قال: نتركها، فلم يضبط، والذي عليه أكثر أهل اللغة والنظر أن معنى {أو ننسها}: نبح لكم تركها، من نسي إذا ترك، ثم تعديه" (?).

والفرق بين (الترَك) و (النسخ)، "أن (النسخ) يأتي في الكتاب في نسخ الآية بآية فتُبطِل الثانيةُ العملَ بالأولى، ومعنى (الترك) أن تأتي الآية بضرب من العمل فيؤمر المسلمون بترك ذَلك بغير آية تَأْتِي ناسخة للتي قبلهَا، نحو {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} [الممتحنة: 10]، ثم أمر المسلمون بعد ذلك بترك المِحْنَة" (?).

والاحتمال الثاني: أن أصل {ننسها}، الهمزة من (النسيء) وهو التأخير، إلا أنه أبدل من الهمزة (ألفاً)، وعلى هذا الاحتمال تتحد القراءتان.

والقراءة الثانية: بفتح النون الأولى في {نَنسخ}؛ وفتحها في {نَنسأها} مع الهمز بعد السين وهي قراءة ابن كثير وأبو عمرو، "بمعنى نؤخرها، من قولك: نسأت هذا الأمر أنسؤه نَسْأ ونَسَاء، إذا أخرته، وهو من قولهم: " بعته بنساء، يعني بتأخير، ومن ذلك قول طرفة بن العبد (?):

لعمرك إن الموت ما أَنْسَأ الفتى ... لكالطِّوَل المُرْخى وثِنْياه باليد

يعني بقوله: (أنسأ)، أخر.

ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 37] ومنه سمي بيع الأجل نسيئة، وقال أهل اللغة: أنسأ الله أجله ونسأ في أجله، أي أخر وزاد، وقال عليه الصلاة والسلام: "من سره النسء في الأجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه" (?).

وممن قرأ ذلك جماعة من الصحابة والتابعين، وقرأه جماعة من قراء الكوفيين والبصريين، وتأوله كذلك جماع من أهل التأويل" (?).

وتفسير الآية على هذه القراءة: " ما نبدل من آية أنزلناها إليك يا محمد، فنبطل حكمها ونثبت خطها، أو نؤخرها فنرجئها ونقرها فلا نغيرها ولا نبطل حكمها، نأت بخير منها أو مثلها .. وقد قرأ بعضهم ذلك: {ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015