قال الآلوسي: " وفي إقامة لفظ (الله)، مقام ضمير {ربكم}، تنبيه على أن تخصيص بعض الناس بالخير دون بعض يلائم الألوهية كما أن إنزال الخير على العموم يناسب الربوبية" (?).

قال الراغب: " إن قيل: فلم قال: " ولا المشركين " وذلك يقتضي أن المشركين ضربان، كافر، وغير كافر كما أن أهل الكتاب ضربان؟ قيل: إن " من " في قوله (ومن أهل الكتاب) للتبيين {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}، فإذا كان كذلك، فالذين كفروا هم أهل الكتاب، فجاز أن يقال: (ولا المشركين) عطفاً على لفظ أهل الكتاب، وجاز أن يقال (ولا المشركين) عطفاً على الذين، ولو قرئ به لجاز" (?).

قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 105]، أي والله "يختص بالنبوة والوحي والفضل والإِحسان، من شاء من عباده" (?).

قال الزجاج: " أي يختص بنُبوته من يشاءُ من أخبر - عزَّ وجلَّ - أنه مختار" (?).

قال الطبري: أي: " والله يختص من يشاء بنبوته ورسالته، فيرسله إلى من يشاء من خلقه، فيتفضل بالإيمان على من أحب فيهديه له" (?).

واختلف في معنى (الرحمة)، في قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 105]، على أقوال (?):

أحدها: أن الرحمة: الإسلام. قاله مجاهد (?)، والحسن (?)، ومقاتل (?).

والثاني: أن الرحمة في هذه الآية عامة، لجميع أنواعها التي قد منحها الله عباده قديما وحديثا. قاله ابن عطية (?).

والثالث: أن الرحمة هنا: النبوة. قاله علي بن أبي طالب (?)، ومحمد بن علي بن الحسين (?)، وابن عباس (?)، ومجاهد (?)، والزجاج (?)، وروي عن الربيع بن أنس نحو ذلك (?).

واختار الطبري قول مجاهد، فقال: الرحمة هنا: "نبوته ورسالته، فيرسله إلى من يشاء من خلقه، فيتفضل بالإيمان على من أحب فيهديه له، و " اختصاصه " إياهم بها، إفرادهم بها دون غيرهم من خلقه. وإنما جعل الله رسالته إلى من أرسل إليه من خلقه، وهدايته من هدى من عباده، رحمة منه له ليصيره بها إلى رضاه ومحبته وفوزه بها بالجنة، واستحقاقه بها ثناءه، وكل ذلك رحمة من الله له" (?).

الرابع: وقيل: النبي -صلى الله عليه وسلم-، لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، فهو نبي الرحمة (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015