قال الطبري: أي: ": ما يحب الكافرون من أهل الكتاب ولا المشركين بالله من عبدة الأوثان، أن ينزل عليكم من الخير الذي كان عند الله فنزله عليكم، فتمنى المشركون وكفرة أهل الكتاب أن لا ينزل الله عليهم الفرقان وما أوحاه إلى محمد صلى الله عليه وسلم من حكمه وآياته، وإنما أحبت اليهود وأتباعهم من المشركين ذلك، حسدا وبغيا منهم على المؤمنين" (?).

و(الود) "خالص المحبة" (?).

قال الراغب: " الود: محبة الشر مع تمنيه، ولما كان لهما استعمل في كل واحد منهما، فقيل: وددت فلانا إذا أحببته، وددت الشيء إذا تمنيته" (?).

قال القرطبي: " (الخير) هنا يشمل خير الدنيا، والآخرة، القليل والكثير؛ لو حصل للكافرين من أهل الكتاب من اليهود، والنصارى، ومن المشركين أن يمنعوا القطر عن المسلمين لفعلوا؛ لأنهم ما يودون أن ينزل علينا أيّ خير؛ ولو تمكنوا أن يمنعوا العلم النافع عنا لفعلوا؛ وهذا ليس خاصاً بأهل الكتاب والمشركين في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بل هو عام؛ ولهذا جاء بصيغة المضارع: {ما يود}؛ وهو دال على الاستمرار" (?).

وقال الفخر الرازي: " (الخير) الوحي وكذلك الرحمة، يدل عليه قوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} [الزخرف: 32] المعنى أنهم يرون أنفسهم أحق بأن يوحي إليهم فيحسدونكم وما يحبون أن ينزل عليكم شيء من الوحي، ثم بين سبحانه أن ذلك الحسد لا يؤثر في زوال ذلك، فإنه سبحانه يختص برحمته وإحسانه من يشاء" (?).

قال ابن عاشور: "والخير النعمة والفضل، قال النابغة (?):

فلست على خير أتاك بحاسد

وأراد به هنا النبوءة وما أيدها من الوحي والقرآن والنصر، وهو المعبر عنه بالرحمة في قوله: {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ} " (?).

ومعنى (الاختصاص): "الانفراد بالشيء، ومنه: الخَصَاص للفُرَجِ (?)، لأنه انفرد كل منهما واحد عن الآخر من غير جمع بينها، ثم يقال لسوء الحال: الخصاصة، لأنها خللٌ في الحال وصدع" (?).

ويُقْرأ {أن يُنْزَل عليكم}، بالتخفيف والتثقيل جميعاً، ويجوز في العربية أن يَنْزِلَ عليكم، ولا ينبغي أن يقرأ بهذا الوجه الثالث، إذ كان لم يقرأ به أحد من القراء المشتهرين (?).

و(التنزيل): هو إنزاله شيئاً فشيئاً؛ وأما (الإنزال): فهو إنزاله جملة واحدة؛ هذا هو الأصل؛ فهم لا يودون هذا، ولا هذا: لا أن ينزل علينا الخير جملة واحدة؛ ولا أن ينزل شيئاً فشيئاً (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015