قال الراغب: " الراعي: حفظ الغير في أمر يعود بمصلحته، ومنه: رعي الغنم، ورعي الوالي الرعية، وعنه نقل: أرعيته سمعي، وتشبيهاً برعي الغنم قيل: رعيت النجوم إذا راقبتها" (?).
وقد اختلف أهل العلم في تفسير قوله: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة: 104]، على وجهين (?):
أحدهما: أي: لا تقولوا خلافا. قاله عطاء (?)، ومجاهد (?).
قال الراغب: وأسترذل هذا الوجه، لأنه لو كان كما قال لكان في القراءة {رعناً}، بالتنوين" (?).
والثاني: يعني ارعنا سمعك، أي اسمع منا ونسمع منك، وهذا قول ابن عباس (?)، ومجاهد (?)، والضحاك (?).
واختلف أهل التفسير في السبب الذي من أجله نهى الله المؤمنين أن يقولوا {رَاعِنَا} [البقرة: 104]، على وجوه (?):
أحدها: أنها كلمة كانت اليهود تقولها لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- على وجه الاستهزاء والسب؛ كما قالوا سمعنا وعصينا، واسمع غير مسمع، وراعنا ليّاً بألسنتهم، فَنُهِيَ المسلمون عن قولها، وهذا قول ابن عباس (?) وقتادة (?)، وعطية (?)، وابن زيد (?).
والثاني: أنها كلمة، كانت الأنصار في الجاهلية تقولها، فنهاهم الله في الإسلام عنها. وهذا قول عطاء (?)، وأبي العالية (?)، وابن جريج (?).
والثالث: أن القائل لها، كان رجلاً من اليهود دون غيره، يقال له رفاعة بن زيد، فَنُهِيَ المسلمون عن ذلك، وهذا قول السدي (?).
والرابع: وقيل: إنما نهوا عن قولهم: " راعنا " لكونه مفاعلة متضمنة لمعنى المساواة بين المخاطب والمخاطب، فأمروا بتوقيره، كما قال {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}، وكقوله: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ}، وذلك عن ابن عباس- رضي الله عنه- (?).
قال ابن حجر: "إنما نهوا عن ذلك؛ لأنها كلمة تقتضي المساواة (?)، وقد فسرها مجاهد: لا تقولوا اسمع منا ونسمع منك (?) " (?).