قال الصابوني: " هذا نداء من الله جل شأنه للمؤمنين يخاطبهم فيه" (?).

قال ابن عباس: " ما أنزل الله آية في القرآن، يقول فيها: {يا أيها الذين آمنوا}، إلا كان على شريفها وأميرها" (?).

كما أن تصدير الحكم بالنداء دليل على الاهتمام به؛ لأن النداء يوجب انتباه المنادَى؛ ثم النداء بوصف الإيمان دليل على أن تنفيذ هذا الحكم من مقتضيات الإيمان؛ وعلى أن فواته نقص في الإيمان؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا سمعت الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأرعها سمعك [يعني استمع لها]؛ فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه" (?) (?).

قوله تعالى: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} [البقرة: 104]، أي: " لا تقولوا عند مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم راعنا" (?).

قال المراغي: " نهى سبحانه الصحابة عن كلمة كانت تدور على ألسنتهم، حين خطابهم النبي صلى الله عليه وسلم وهى كلمة (راعِنا) ومعناها راعنا سمعك: أي اسمع لنا ما نريد أن نسألك عنه ونراجعك القول لنفهمه عنك" (?).

قال الحسن: " الراعن من القول: السخري منه، نهاهم الله عز وجل أن يسخروا من قول محمد صلى الله عليه وسلم، وما يدعوهم إليه من الإسلام" (?).

وقال أبو صخر: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أدبر ناداه من كانت له حاجة من المؤمنين فقالوا: أرعنا سمعك فأعظم الله رسوله أن يقال ذلك له" (?).

والراعن: الأحمق، والأرعن: مبالغة فيه (?).

قال ابن عطية: " {راعنا}، من المراعاة بمعنى فاعلنا، أي أرعنا نرعك، وفي هذا جفاء أن يخاطب به أحد نبيه، وقد حض الله تعالى على خفض الصوت عنده وتعزيره وتوقيره، فقال من ذهب إلى هذا المعنى إن الله تعالى نهى المؤمنين عنه لهذه العلة، ولا مدخل لليهود في هذه الآية على هذا التأويل، بل هو نهي عن كل مخاطبة فيها استواء مع النبي صلى الله عليه وسلم. وقالت طائفة: هي لغة كانت الأنصار تقولها، فقالها رفاعة بن زيد بن التابوت للنبي صلى الله عليه وسلم ليّا بلسانه وطعنا كما كان يقول: {اسمع غير مسمع} [النساء: 46]، فنهى الله المؤمنين أن تقال هذه اللفظة" (?).

قال ابن عطية: "ووقف هذه اللغة على الأنصار تقصير، بل هي لغة لجميع العرب فاعل من المراعاة. فكانت اليهود تصرفها إلى الرعونة، يظهرون أنهم يريدون المراعاة ويبطنون أنهم يريدون الرعونة التي هي الجهل، وحكى المهدوي عن قوم أن هذه الآية على هذا التأويل ناسخة لفعل قد كان مباحا وليس في هذه الآية شروط النسخ لأن الأول لم يكن شرعا متقررا" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015