قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: 102]، أ"ي ولبئس هذا الشيء الذي باعوا به أنفسهم" (?).
قال السدي: " يعني: اليهود، يقول: بئس ما باعوا به أنفسهم" (?).
قال الثعلبي: " باعوا به حظّ أَنْفُسَهُمْ حين اختاروا السّحر والكفر على الدين والحق" (?).
قال ابن عثيمين: " أي باعوا به أنفسهم؛ لأنهم في الحقيقة لما اشتروا السحر، الثمن الذي بذلوه في هذا السحر: أنفسهم؛ لأنهم في الحقيقة خسروا أنفسهم؛ صارت الدنيا الآن ليس لهم فيها ربح إطلاقاً؛ والآخرة ليس لهم فيها ربح أيضاً؛ فخسروا الدنيا، والآخرة" (?).
وفي قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوا بِهِ أَنفُسَهُم} [البقرة: 102]، تأويلان (?):
أحدهما: يعني ولبئس ما باعوا به أنفسهم من السحر والكفر في تعليمه وفعله.
والثاني: من إضافتهم السحر إلى سليمان، وتحريضهم على الكذب.
وقوله {شَرَوْا} أي: باعوا (?)، والشراء والبيع واحد، لكنه غلب من جهة معطي الثمن كما غلب البيع من جهة صاحب السلعة (?).
قوله تعالى: {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102]، أي" لو كان لهم علم أو فهم وإِدراك" (?).
قال ابن عثيمين: أي: " لو كانوا من ذوي العلم المنتفعين بعلمهم ما تعلموا السحر" (?).
قال القرطبي: "فأخبر أنهم لا يعلمون" (?).
قال الزمخشري: " معناه: لو كانوا يعملون بعلمهم، جعلهم حين لم يعملوا به كأنهم منسلخون عنه" (?).
واختلف في تحديد المعنيين في قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102]، على قولين (?):
الأول: قال قطرب والأخفش: أن يكون الذين يعلمون الشياطين، والذين شروا أنفسهم - أي باعوها - هم الإنس الذين لا يعلمون (?).
والثاني: قال علي بن سليمان: "الأجود عندي أن يكون "ولقد علموا" للملكين، لأنهما أولى بأن يعلموا. وقال: "علموا" كما يقال: الزيدان قاموا" (?).
وإن قيل: كيف نفى العلم عنهم، ولقد أثبت العلم لهم في قوله: {وَلَقَدْ عَلِمُوا}؟ ، أجيب عنه من وجهين: