والثاني: أن معناه: "إلا بقضاء الله". قاله سفيان (?).
والثالث: المعنى: "ما يُضلّون إلا من كان في علمي وقضائي وقدرتي أن أُضِلّه". روي ذلك عن ابن عباس (?).
وقال المفسرون: "الإذن هاهُنا تأويله: إرادة التكوين، أي: لا يضرّون بالسحر إلا من أراد الله أن يلحقه ذلك الضرر" (?).
ولـ لإذن " في كلام العرب أوجه (?):
احدها: الأمر على غير وجه الإلزام. وغير جائز أن يكون منه قوله: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}، لأن الله جل ثناؤه قد حرم التفريق بين المرء وحليلته بغير سحر - فكيف به على وجه السحر؟ - على لسان الأمة.
والثاني: ومنها: التخلية بين المأذون له، والمخلى بينه وبينه.
والثالث: ومنها العلم بالشيء، يقال منه: " قد أذنت بهذا الأمر " إذا علمت به " آذن به إذنا "، ومنه قول الحطيئة (?):
ألا يا هند إن جددت وصلا ... وإلا فأذنيني بانصرام
يعنى فأعلميني، ومنه قوله جل ثناؤه: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} [سورة البقرة: 279] (?).
قوله تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ} [البقرة: 102]، "أي والحال أنهم بتعلم السحر يحصلون على الضرر لا على النفع" (?).
قال الطبري: أي" يتعلمون منهما السحر الذي يضرهم في دينهم، ولا ينفعهم في معادهم. فأما في العاجل في الدنيا، فإنهم قد كانوا يكسبون به ويصيبون به معاشا (?).
قال الواحدي: " المعنى: إنه يضرهم في الآخرة، وإن تعجّلوا به في الدنيا نفعًا" (?).
قال الزمخشري: " لأنهم يقصدون به الشر. وفيه أن اجتنابه أصلح كتعلم الفلسفة التي لا يؤمن أن تجرّ إلى الغواية" (?).
قال ابن عثيمين: أي ويتعلم الناس منهم "ما مضرته محضة لا نفع فيها" (?).
وقرأ عبيد بن عمير: {مَا يُضِرُّهُمْ} من أضرّ يضرّ (?).
قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشتراه مَا لَهُ فِي الآخرة مِنْ خَلاقٍ} [البقرة: 102]، " أي ولقد علم اليهود الذين نبذوا كتاب الله واستبدلوا به السحر، أنهم ليس لهم حظ من رحمة الله ولا من الجنة لأنهم آثروا السحر على كتاب الله" (?).