قال الراغب: وكلاهم"صحيح، لأن المنكر لأحدهما في حكم النكر للآخر" (?).

والأظهر هو القول الأول، " أي لما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم من التوراة نبذوا كتاب الله الذي جاء به هذا الرسول" (?).

وقد تعددت أقوال المفسرين في معنى قوله تعالى: {وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [البقرة: 101]، على أوجه:

أحدها: أنه "تمثيل للإعراض لأن من أعرض عن شيء تجاوزه فخلفه وراء ظهره " (?).

والثاني: أنه: " تشبيه بمن لا يعلم إذ فعلوا فعل الجاهل فيجيء من اللفظ أنهم كفروا على علم" (?).

والثالث: أنه " مثل لإِعراضهم عنه رأساً، بالإعراض عما يرمي به وراء الظهر لعدم الالتفات إليه" (?).

والرابع: أنه: مثل من يستخف بالشيء ولا يعمل به، تقول العرب: أجعل هذا خلف ظهرك، ودبر اذنك، وتحت قدمك: أي أتركه واعرض عنه قال الله تعالى: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا [هود: 92]، ومنه قول الفرزدق (?):

تَمِيمُ بنَ قَيْسٍ لا تَكونَنَّ حاجَتِي ... بظَهْرٍ فلا يَعْيا عَليَّ جَوابُها

أي لا تتركنها لا يُعْبَأ بها (?).

الخامس: أن معناه: " رموه بشدة وراء الظهر؛ وهو عبارة عن الانصراف التام عنه؛ لأنهم لو نبذوه أمامهم، أو عن اليمين، أو عن الشمال لكان من الجائز أن يكونوا يأخذون به؛ لكن من ألقاه وراء ظهره كان ذلك أبلغ في التولي، والإعراض عنه، وعدم الرجوع إليه؛ لأن الشيء إذا خُلِّف وراء الظهر فإنه لا يرجع إليه" (?).

قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 101]، أي: " كأنهم في نبذهم لكتاب الله وراء ظهورهم لا يعلمون أنه حق" (?).

قال الصابوني: "أي كأنهم لا يعلمون من دلائل نبوته شيئاً" (?).

قال قتادة: ": أي أن القوم كانوا يعلمون، ولكنهم أفسدوا علمهم، وجحدوا وكفروا وكتموا" (?).

قال البيضاوي: " يعني أن علمهم به رصين ولكن يتجاهلون عناداً" (?).

قال الزجاج: " أعْلَمَ أنهم علماء بكتابهم، وأنهم رفضوه على علم به، وعداوةً للنبي صلَّى اللَّه عليه وسلم. وأعْلَمَ أنَّهم نَبذوا كتاب اللَّه" (?).

قال المراغي: أي" أهملوها إهمالا تاما كأنهم لا يعلمون أنها من عند الله" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015