قال السدي: ": لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عارضوه بالتوراة فخاصموه بها، فاتفقت التوراة والقرآن، فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف، وسحر هاروت وماروت" (?).
قال الشعبي: "هو بين أيديهم يقرؤونها، ولكن نبذوا العمل به" (?).
وقال سفيان بن عُيينة: "أدرجوه في الحرير والديباج، وحلَّوه بالذهب والفضة، ولم يُحِلّوا حلاله ولم يحرّموا حرامه، فذلك النبذ" (?).
قال الطبري: " يعني بذلك: أنهم جحدوه ورفضوه بعد أن كانوا به مقرين، حسدا منهم له وبغيا عليه" (?).
قال المراغي: " وقد جعل تركهم إياها وإنكارهم لها إلقاء لها وراء الظهر، لأن من يلقى الشيء وراء ظهره لا يراه فلا يتذكره" (?).
قال ابن عثيمين: " وأضيف [الكتاب] إلى الله، لأنه المتكلم به؛ فالقرآن الذي نقرؤه الآن هو كلام ربنا. تبارك وتعالى. تكلم به حقيقة بلفظه، ومعناه، وسمعه منه جبريل، ثم أتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم حتى وعاه، وأداه إلى الصحابة؛ والصحابة أدوه إلى التابعين، وهكذا حتى بقي إلى يومنا هذا. ولله الحمد؛ وسمي القرآن كتاباً، لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ؛ وفي الصحف التي بأيدي الملائكة؛ وفي الصحف التي بأيدي البشر" (?).
قال الواحدي: " وعنى بالـ {فريق} في هذه الآية: علماء اليهود الذين تواطؤوا على كتمان أمر محمد - صلى الله عليه وسلم -" (?).
قال الآلوسي: " وهم اليهود الذين كانوا في عهده صلى الله تعالى عليه وسلم لا الذين كانوا في عهد سليمان عليه السلام- كما توهمه بعضهم من اللحاق- لأن- النبذ- عند مجيء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا يتصور منهم" (?).
وفي قوله تعالى: {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البقرة: 101]، قولان (?):
الأول: وهم علماء اليهود الذين أعطاهم الله العلم بالتوراة وما فيها. قاله الطبري (?).
والدليل عليه أنه تعالى وصف هذا الفريق بالعلم عند قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.
والثاني: أن المراد من يدعي التمسك بالكتاب سواء علمه أو لم يعلمه، وهذا كوصف المسلمين بأنهم من أهل القرآن لا يراد بذلك من يختص بمعرفة علومه، بل المراد من يؤمن به ويتمسك بموجبه.
واختلف في قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [البقرة: 101]، على قولين (?):
أحدهما: القرآن. وهو قول الجمهور.
والثاني: التوراة. قاله الطبري (?)، والقرطبي (?)، وآخرون، وأجازه الزجاج (?)، لأن الذين كفروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - نبذوا التوراة.