قال الشوكاني: " والعداوة من العبد هي صدور المعاصي منه لله والبغض لأوليائه والعداوة من الله للعبد هي تعذيبه بذنبه وعدم التجاوز عنه والمغفرة له" (?).

قال ابن كثير: " وإنما أظهر الاسم هاهنا لتقرير هذا المعنى وإظهاره، وإعلامهم أن من عادى أولياء الله فقد عادى الله، ومن عادى الله فإن الله عدو له، ومن كان الله عدوه فقد خسر الدنيا والآخرة، كما تقدم الحديث: "من عادى لي وليًّا فقد بارزني بالحرب" (?)، وفي الحديث الآخر: "إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب" (?)، وفي الحديث الصحيح: "وَمَن كنتُ خَصْمَه خَصَمْتُه" (?) " (?).

وقد أتى باسم {الله} ظاهراً، ولم يأت: بأنه عدوّ، لاحتمال أن يفهم أن الضمير عائد على اسم الشرط فينقلب المعنى، أو عائد على أقرب مذكور، وهو ميكال، فأظهر الاسم لزوال اللبس، أو للتعظيم والتفخيم، لأن العرب إذا فخمت شيئاً كررته بالاسم الذي تقدم له، وذلك كقوله تعالى: {لَيَنصُرَنَّهُ اللَّه إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: 60] (?)، ومنه قول الشاعر (?):

لا أرى الموت يسبق الموت شيئا ... نغَّص الموتُ ذا الغنى والفقيرا

إذ كرر الشاعر (الموت) في جملة واحدة. فـ (الموت) الأول مفعول لـ (أرى)، و (يسبق الموت) مفعول ثانٍ، وكان ينبغي أن يقول: يسبقه شيءٌ؛ لأن الاسم الظاهر متى احتيج إلى تكرير ذكره في جملة واحدة، كان الاختيار أن يُذكر ضميرُهُ، ولكن التكرير قد يراد به التعظيم والتفخيم.

ومنه قول جرير (?):

ليتَ الغرابَ غداة ينعَبُ دائبا ... كان الغرابُ مقطَّع الأوداج

وقال الزمخشري: " "فجاء بالظاهر ليدل على أن الله عاداهم لكفرهم، وأن عداوة الملائكة كفر. وإذا كانت عداوة الأنبياء كفراً، فما بال الملائكة؟ وهم أشرف" (?).

قلت: وهذا عند المعتزلة، أما عند أهل السنة فالأنبياء أشرف.

وقد خص الله {جبريل وميكائيل}، بالذكر وإن كان ذكر الملائكة قد عمهما للأسباب الآتية (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015