الأول: قالوا أفردهما بالذكر تشريفا لهما، كما قال: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68]، كقوله: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: 68]، وكقوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18]، بعد قوله: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [النجم: 31].

قال الرازي: " لفضلهما كأنهما لكمال فضلهما صارا جنسا آخر سوى جنس الملائكة" (?).

والثاني: وقيل: خصا لأن اليهود ذكروهما، ونزلت الآية بسببهما، فذكرهما واجب لئلا تقول اليهود: إنا لم نعاد الله وجميع ملائكته، فنص الله تعالى عليهما لإبطال ما يتأولونه من التخصيص.

قال الرازي: "أن الذي جرى بين الرسول واليهود هو ذكرهما والآية إنما نزلت بسببهما، فلا جرم نص على اسميهما، واعلم أن هذا يقتضي كونهما أشرف من جميع الملائكة وإلا لم يصح هذا التأويل، وإذا ثبت هذا فنقول: يجب أن يكون جبريل عليه السلام أفضل من ميكائيل" (?)، ثم علل ذلك لوجوه (?):

أحدها: أنه تعالى قدم جبريل عليه السلام في الذكر، وتقديم المفضول على الفاضل في الذكر مستقبح عرفا فوجب أن يكون مستقبحا شرعا لقوله عليه السلام: " مَا رَأَىهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ" (?).

وثانيها: أن جبريل عليه السلام ينزل بالقرآن والوحي والعلم وهو مادة بقاء الأرواح، وميكائيل ينزل بالخصب والأمطار وهي مادة بقاء الأبدان، ولما كان العلم أشرف من الأغذية وجب أن يكون جبريل أفضل من ميكائيل.

وثالثها: قوله تعالى في صفة جبريل: {مطاع ثم أمين} ذكره يوصف المطاع على الإطلاق، وظاهره يقتضي كونه مطاعا بالنسبة إلى ميكائيل فوجب أن يكون أفضل منه.

الفوائد:

1. من فوائد الآية: أن من عادى الله فهو كافر؛ لقوله تعالى: {من كان عدواً لله}، ثم قال تعالى: {فإن الله عدوّ للكافرين}.

2. ومنها: أن من كان عدواً للملائكة، أو للرسل فإنه عدو لله؛ لأن الملائكة رسل الله، كما قال تعالى: {جاعل الملائكة رسلاً} [فاطر: 1]؛ والرسل البشريون أيضاً رسل لله؛ فمن عادى ملائكة الله من جبريل أو غيره، أو عادى الرسل من محمد أو غيره فقد عادى الله عزّ وجلّ ..

فإن قيل: فهل من عادى المؤمنين يكون معادياً لله؟

فالجواب: هذا محل توقف في دلالة الآية عليه؛ اللهم إلا إذا عادى المؤمنين لكونهم تمسكوا بشريعة الرسل؛ فهذا يظهر أن الله يكون عدواً لهم، لأن من عاداهم إنما فعل ذلك بسبب أنهم تمسكوا بما جاءت به الرسل؛ فكان حقيقة معاداتهم أنهم عادوا رسل الله، كما قال أهل العلم في قوله تعالى: {إن شانئك هو الأبتر} [الكوثر: 3] أي مبغضك، ومبغض ما جئت به من السنة هو الأبتر؛ وفي الحديث الصحيح أن الله تعالى في الحديث القدسي قال: "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب" (?).

3. ومن فوائد الآيتين: أن كل كافر فاللَّه عدوّ له؛ لقوله تعالى: {فإن الله عدوّ للكافرين}

4. ومنها: إثبات صفة العداوة من الله. أي أن الله يعادي؛ وهي صفة فعلية كالرضا، والغضب، والسخط، والكراهة؛ و "المعاداة" ضدها الموالاة الثابتة للمؤمنين، كما قال الله تعالى: {الله وليّ الذين آمنوا} [البقرة: 257].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015