قوله تعالى: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} [البقرة: 94]، " أي اطلبوا حصوله" (?).
قال الثعلبي: " أي فأريدوا وحلوه لأن من علم أن الجنة مآبه حن إليها ولا سبيل إلى دخولها إلا بعد الموت فاستعجلوه بالتمني" (?).
قال المراغي: " أي: تشوفوا له واجعلوا نفوسكم ترتاح إليه وتود المصير إليه" (?).
قال ابن عباس: " أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب، فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم" (?).
قال ابن عباس أيضا: "لو تمنى اليهود الموت لماتوا" (?).
وقرأ ابن أبي إسحاق بكسر الواو من رتمنوا} للالتقاء، وحكى الأهوازي عن أبي عمرو أنه قرأ {تمنوا الموت} بفتح الواو، وحكي عن غيره اختلاس الحركة في الرفع، وقراءة الجماعة بضم الواو (?).
قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 94]، "أي إن صدق قولكم، وصحت دعواكم" (?).
قال الثعلبي: أي" في قولكم، محقين في دعواكم" (?).
قال أبو العالية: " {إن كنتم صادقين} بما تقولون إنه كما تقولون" (?).
قال ابن عثيمين: " أي في دعواكم أن الدار الآخرة خالصة لكم من دون الناس؛ لأنها حينئذٍ تكون لكم خيراً من الدنيا؛ فتمنوا الموت لتصلوا إليها؛ وهذا تحدٍّ لهم؛ ولهذا قال الله تعالى هنا: {ولن يتمنوه أبداً}؛ وفي سورة الجمعة قال تعالى: {ولا يتمنونه أبداً} [الجمعة: 7] وذلك؛ لأنهم يعلمون كذب دعواهم أن لهم الدار الآخرة خالصة" (?).
اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو اليهود أن يتمنوا الموت، وعلى أي وجه أمروا أن يتمنوه (?):
الأول: أن الله تعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يتحداهم بأنه إن كانت الدار الآخرة لهم كما يزعمون، فليتمنوا الموت لِيَصِلوا إليها.
وهذا قول قتادة (?)، وأبو العالية (?)، والربيع (?)، رجّحه الطبري (?) وكثير من المفسرين.