القرآن

{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)} [البقرة: 84]

التفسير:

واذكروا -يا بني إسرائيل- حين أَخَذْنا عليكم عهدًا مؤكدًا في التوراة: يحرم سفك بعضكم دم بعض، وإخراج بعضكم بعضًا من دياركم، ثم اعترفتم بذلك، وأنتم تشهدون على صحته.

قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} [البقرة: 84]، "إذ أخذنا عليكم العهد" (?).

قال الرازي: أي: "أمرناكم وأكدنا الأمر وقبلتم وأقررتم بلزومه ووجوبه" (?).

واختلف أهل التفسير في الخطاب في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ} [البقرة: 84]، على ثلاثة أوجه (?):

أحدها: أنه خطاب لعلماء اليهود في عصر النبي صلى الله عليه وسلم.

وثانيها: أنه خطاب مع أسلافهم، وتقديره وإذ أخذنا ميثاق آبائكم.

وثالثها: أنه خطاب للأسلاف وتقريع للأخلاف.

قوله تعالى: {لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} [البقرة: 84]، " أي: "لا يريق بعضكم دم بعض" (?).

قال الثعلبي: " لا تريقون دِماءَكُمْ" (?).

و(السفك) في اللغة: "الصب (?).

و{دماء}: جمع دم، واختلف في أصله على أقوال (?):

الأول: قال الزجاج: وأصل دم: (دَماء) في قول أكثر النحويين، ومنه قول الشاعر (?):

فلو أنا على حجر ذبحنا ... جرى الدميان بالخبر اليقين

وأنشد أبو زيد (?):

غفَلَتْ ثم أتت ترقبه ... فإذا هي بعظام ودَمَا

والثاني: أن أصله: (دمْي)، إلا أنه لما حذف ورد إليه ما حذف منه، حركت الميم لتدل الحركة على أنه استعمل محذوفا. وهذا مذهب سيبويه (?).

والثالث: وقال الليْث: أصله (دَمَيٌ)؛ لأنك تقول: دَمِيَتْ يده (?).واختاره ابن عطية (?).

قال الواحدي: "والأجود: ما حكاه الزجاج في أصل الدم. و (الدُّميَةُ) من الدم، كأنها الحَيَوان ذُو الدم" (?).

قال ابن عثيمين: و (السفك)، و"السفح" بمعنى واحد؛ والمراد بسفك الدم: القتل، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً" (?) أي يقتل نفساً بغير حق؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015