قال شيخنا ابن عثيمين: " {المساكين}، جمع مسكين، وهو الفقير الذي أسكنه الفقر؛ لأن الإنسان إذا اغتنى فإنه يطغى، ويزداد، ويرتفع، ويعلو؛ وإذا كان فقيراً فإنه بالعكس، وهنا يدخل الفقراء مع {المساكين}؛ لأن "الفقراء"، و"المساكين" من الأسماء التي إذا قرنت افترقت؛ وإذا افترقت اجتمعت؛ فكلمة "الفقراء" إذا كانت وحدها شملت الفقراء، والمساكين؛ و"المساكين" إذا كانت وحدها شملت الفقراء، والمساكين؛ وإذا قيل: فقراء ومساكين. مثل آية الزكاة: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} [التوبة: 60]. صار "الفقراء" لها معنى؛ و"المساكين" لها معنى؛ لما اجتمعت الآن افترقت: فـ"الفقير": من لا يجد شيئاً من الكفاية، أو يجد دون النصف؛ و"المسكين": من يجد نصف الكفاية دون كمالها" (?).
قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، " أي قولاً حسناً بخفض الجناح، ولين الجانب، مع الكلام الطيّب" (?).
قال ابن عثيمين: "والقول الحسن يشمل: الحسن في هيئته؛ وفي معناه، ففي هيئته: أن يكون باللطف، واللين، وعدم الغلظة، والشدة، وفي معناه: بأن يكون خيراً؛ لأن كل قولٍ حسنٍ فهو خير؛ وكل قول خير فهو حسن" (?).
قال السعدي: " ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وتعليمهم العلم، وبذل السلام، والبشاشة وغير ذلك من كل كلام طيب، ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله، أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق، وهو الإحسان بالقول، فيكون في ضمن ذلك النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار، ولهذا قال تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده، أن يكون الإنسان نزيها في أقواله وأفعاله، غير فاحش ولا بذيء، ولا شاتم، ولا مخاصم، بل يكون حسن الخلق، واسع الحلم، مجاملا لكل أحد، صبورا على ما يناله من أذى الخلق، امتثالا لأمر الله، ورجاء لثوابه" (?).
وقد اختلف أهل التفسير في قوله تعالى {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة: 83]، على أقوال (?):
الأول: أن المعنى قولوا لهم: لا إله إلا الله، ومروهم بها. قاله ابن عباس (?).
والثاني: قولوا: صدقا في شأن محمد صلى الله عليه وسلم، ولا تكتموا أمره، ولا تغيروا نعته. قاله ابن جريج (?). ومقاتل بن حيان (?).
والثالث: يعني: مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر. قاله سفيان الثوري (?).
والرابع: قولوا للناس معروفا. قاله أبو العالية (?)، وروي عن الحسن (?) نحوه.
والخامس: قولوا: الحسن من القول. قاله عطاء بن أبي رباح (?)، وجعفر (?).
وكل الأقوال متشابهة فما بينها، وحثت على مكارم الأخلاق. والله أعلم.
ويحتمل {الناس}، في قوله تعالى {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة: 83]، وجهين:
أحدهما: الناس عامة. قاله عطاء بن أبي رباح (?)، وعكرمة (?)، وهو المشهور.