قال مقاتل بن حيان: " فيما أمركم به من حق الوالدين" (?).
قال الصابوني: "أي وأمرناهم بأن يحسنوا إِلى الوالدين إِحساناً" (?).
قال القرطبي: "وقرن الله عز وجل في هذه الآية حق الوالدين بالتوحيد، لأن النشأة الأولى من عند الله، والنشء الثاني - وهو التربية - من جهة الوالدين، ولهذا قرن تعالى الشكر لهما بشكره فقال: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]. والإحسان إلى الوالدين: معاشرتهما بالمعروف، والتواضع لهما، وامتثال أمرهما، والدعاء بالمغفرة بعد مماتهما، وصلة أهل ودهما" (?).
واختلف في اتصال (الباء) وانتصابه، في قوله تعالى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83]، على أقوال (?):
الأول: قال الزجاج: انتصب على معنى أحسنوا بالوالدين إحسانا، فجعل (الباء) التي في {الوالدين} من صلة الإحسان، مقدمة عليه (?).
وقد اعترض الإمام الطبري على هذا الوجه (?).
والثاني: قيل: على معنى وصيناهم بالوالدين إحسانا، لأن اتصال الباء به أحسن على هذا الوجه ولو كان على الأول لكان، وإلى الوالدين كأنه قيل: وأحسنوا إلى الوالدين (?).
والثالث: وقيل: بل هو على الخبر المعطوف على المعنى الأول يعني أن تعبدوا وتحسنوا.
قال الإمام الطبري: : وقوله جل ثناؤه: {وبالوالدين إحسانا} عطف على موضع (أن) المحذوفة في (لا تعبدون إلا الله)، فكان معنى الكلام: وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل بأن لا تعبدوا إلا الله وبالوالدين إحسانا. فرفع (لا تعبدون) لما حذف (أن)، ثم عطف بالوالدين على موضعها، كما قال الشاعر (?):
معاوي إننا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا
فنصب (الحديد) على العطف به على موضع (الجبال)، لأنها لو لم تكن فيها (باء) خافضة كانت نصبا، فعطف بـ (الحديد) على معنى (الجبال)، لا على لفظها. فكذلك ما وصفت من قوله: (وبالوالدين إحسانا) " (?).
قلت: وهذا الذي ذكره القرطبي وجه حسن.
وأما (الإحسان) الذي أخذ عليهم وبالوالدين الميثاق، فيشمل: "فعل المعروف لهما، والقول الجميل، وخفض جناح الذل رحمة بهما، والتحنن عليهما، والرأفة بهما، والدعاء بالخير لهما، وما أشبه ذلك من الأفعال التي ندب الله عباده أن يفعلوا بهما" (?).
قوله تعالى: {وَذِي الْقُرْبَى} [البقرة: 83]، أي "وإحساناً بذي القربى" (?).
قال مقاتل بن حيان: " يعني القرابة" (?).