واعترض الواحدي على قول المبرد فقال: "وليس الأمر على ما قاله المبرد، فقد أجاز قولَ الكسائي: الأخفشُ والفراءُ وقطرب والزجّاج وعلي بن عيسى (?) (?)، ودعواه أن كل ما أضمر في العربيّة فهو يعمل عمله مظهرًا ليس كذلك، وهو على ضربين: منه ما هو على ما ذكر، ومنه ما ليس كذلك (3)، كحروف الجر إذا حذفت وهي تزاد، كقوله (?):

أمرتُك الخيرَ فافعل ما أُمِرتَ به ... فقد تركتُك ذا مالٍ وذا نَشَبِ

يريد بالخير، وقال الله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} [الأعراف: 155] فلما حَذف مِنْ وصل الفعل فنصب. كذلك هاهُنا لمّا حذف (أن) وصل عامل الرفع فرفع الفعل، وقوله: لا يحذف الموصول في شيء من الكلام ليس كذلك؛ لأن الموصول مع صلته بمنزلة اسم واحد، والاسم الواحد قد يحذف بعضه بالترخيم" (?).

القول الثاني: موضعه رفع على أنه جواب القسم، كأنه قيل: وإذا أقسمنا عليهم لا يعبدون، وأجاز هذا الوجه المبرد (?) والكسائي (?) والفراء (?) والزجاج (?) وهو أحد قولي الأخفش (?).

والدليل على ذلك قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ} [آل عمران: 81]، القسم بـ (لام)، فكذلك هو في النفي بـ (لا)، وكان المعنى: استحلَفناهم وقلنا لهم: والله لا تعبدون (?).

القول الثالث: وقيل: هو في موضع الحال، أي أخذنا ميثاقهم موحدين، أو غير عابدين إلا الله، أو غير معاندين، قاله قطرب والمبرد أيضا (?).

القول الرابع: قول الفراء (?) أن موضع {لا تعبدون} على النهي، إلا أنه جاء على لفظ الخبر كقوله تعالى: {لا تضار والدة بولدها} [البقرة: 233] بالرفع والمعنى على النهي، والذي يؤكد كونه نهيا أمور:

أحدها: قوله: {أقيموا}، وثانيها؛ أنه ينصره قراءة عبد الله وأبي: {لا تعبدوا}. وثالثها: أن الإخبار في معنى الأمر والنهي آكد وأبلغ من صريح الأمر والنهي، لأنه كأنه سورع إلى الامتثال والانتهاء فهو يخبر عنه.

القول الخامس: التقدير أن لا تعبدوا تكون "أن" مع الفعل بدلا عن الميثاق، كأنه قيل: أخذنا ميثاق بني إسرائيل بتوحيدهم.

واختلفت القراءة في قوله تعالى: {لَا تَعْبُدُونَ} [البقرة: 83]، على وجوه (?):

أحدها: {لا يعبدون}، بالياء. قرأ بها ابن كثير وحمزة والكسائي.

والثاني: {لَا تَعْبُدُونَ}، بالتاء من فوق، قرأ بها أبو عمرو ونافع وعاصم وابن عامر، حكاية ما قيل لهم.

والثالث: {لا تعبدوا}، على النهي، قرأ بها أبيّ بن كعب وابن مسعود.

قوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83]، " أي "وأمرناهم بالوالدين إحسانا" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015