وقد ذكروا في سبب الاستبعاد وجوها (?):

أحدها: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم مع أنهم ما آمنوا بموسى عليه السلام، وكان هو السبب في أن الله خلصهم من الذل وفضلهم على الكل، ومع ظهور المعجزات المتوالية على يده وظهور أنواع العذاب على المتمردين.

الثاني: أفتطمعون أن يؤمنوا ويظهروا التصديق ومن علم منهم الحق لم يعترف بذلك، بل غيره وبدله.

الثالث: أفتطمعون أن يؤمن لكم هؤلاء من طريق النظر والاستدلال وكيف وقد كان فريق من أسلافهم يسمعون كلام الله ويعلمون أنه حق ثم يعاندونه.

قوله تعالى: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ} [البقرة: 75]، "أي والحال قد كان طائفة من أحبارهم وعلمائهم" (?).

قال البيضاوي: أي" طائفة من أسلافهم" (?).

و(الفريق) فجمع، كالطائفة، لا واحد له من لفظه، وهو (فعيل) من (التفرق) سمي به الجماع، كما سميت الجماعة ب (الحزب)، من (التحزب)، وما أشبه ذلك، ومنه قول أعشى بني ثعلبة (?):

أجَدّوا فلما خفت أن يتفرقوا ... فريقين، منهم مُصعِد ومُصوِّب

قوله تعالى: {يَسْمَعُونَ كَلامَ الله} [البقرة: 75]، أي: " يتلون كتاب الله ويسمعونه بيناً جلياً" (?).

قال الثعلبي: "يعني التوراة" (?).

قال السدي: " هي التوراة حرفوها" (?).

وقال أبو العالية: " عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم من نعت محمد- صلى الله عليه وسلم-، فحرفوه عن مواضعه"" (?).

وقرأ الأعمش: {كلم الله} (?)، جمع كلمة، وقد يراد بالكلمة: الكلام، فتكون القراءتان بمعنى واحد (?).

قوله تعالى: {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} [البقرة: 75] أي: " ثم يبدلون معناه وتأويله ويغيرونه" (?).

قال الثعلبي: أي"يغيرون ما فيه من الأحكام" (?).

قال ابن كثير: " أي: يتأولونه على غير تأويله " (?).

قال البيضاوي: " كنعت محمد صلّى الله عليه وسلّم، وآية الرجم. أو تأويله فيفسرونه بما يشتهون" (?).

وتحريف الشيء: "إحالته من حال إلى حال" (?).

وفي كيفية تعريفهم لكلام الله وجهين:

أحدهما: أن تحريفهم وتبديلهم إنما هو بالتأويل، ولفظ التوراة باق. قاله ابن عباس (?).

والثاني: أنهم بدلوا ألفاظا من تلقائهم. وهذا قول الجمهور (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015